للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل السادس

[انتصار إسبارطة]

وقضت هذه الكارثة على روح أثينة المعنوية، فقد هلك أو استرق فيها نصف مواطنيها تقريباً، وترمّل نصف هذه الطبقة من النساء، وتيتم نصف الأطفال. ولم يكد يبقى لها شيء من الأموال التي جمعها بركليز في خزائنها، وكان عام آخر كفيلاً باستنفاد كل درهم فيها. وحسبت المدن الخاضعة لأثينة أنها ساقطة لا محالة فامتنعت عن أداء الجزية، وتخلف عنها معظم حليفاتها وانضمت الكثيرات منهن إلى إسبارطة. وفي عام ٤١٣ ادعت إسبارطة أن أثينة قد خرقت أكثر من مرة شروط صلح "الخمسين عاماً" فأعلنت إليها الحرب من جديد، واستولى اللسديمونيون في هذه المرة على ديسيليا، وحالوا دون وصول الطعام إليها من عوبية والفضة من لوريوم. وتمرد الأرقاء الذين كانوا يعملون في هذه المناجم، وانضموا بكامل عددهم البالغ عشرين ألف رجل إلى الإسبارطيين. وبعثت سرقوصة جيشاً لينضم إلى المهاجمين، ورأى ملك الفرس الفرصة سانحة ليثأر لنفسه من هزيمة مرثون وسلاميس، فأمد بالمال الأسطول الإسبارطي الناشئ، بعد أن اتفق مع إسبارطة ذلك الاتفاق المشين، وهو أن تساعد الفرس على أن يستعيدوا سيادتهم على مدائن أيونيا اليونانية (٢٥).

ومما يدل على شجاعة الديمقراطية الأثينية وما كان فيها من حيوية أن أثينة استطاعت أن تقاوم أعداءها عشر سنين أخرى، فقد نظمت حكومتها تنظيماً راعت فيه قواعد الاقتصاد، وجدت في جميع الضرائب وفرض الإعانات لبناء أسطول جديد، فلم تكد تمضي سنة على هزيمتها في سرقوصة