أنت حامي وولي نعمتي، وأن لي لقلباً خلق ليعرف الجميل، وأريد أن أبرئ نفسي معك إن استطعت. تريد أن تعطيني الخبز، أفليس بين رعاياك من يعوزه الخبز؟ أبعد عن عيني ذلك السيف الذي يومض ويجرحني … أن سيرة الملوك الذين أوتوا همتك عظيمة، وأنت لا تزال بعيداً عن ساعة منيتك، ولكن الوقت كالسيف، وليس أمامك لحظة واحدة تضيعها. أو تستطيع أن تعتزم الموت دون أن تكون أعظم الرجال قاطبة.
ولو أتيح لي يوماً أن أرى فردريك العادل المرهوب يملأ بلاده في نهاية المطاف بشعب سعيد سيكون أباً له، إذن لذهب جان-جاك روسو عدو الملوك، ليموت فرحاً في أسفل عرشه (١٧)".
ولم يرد فردريك رداً وصل إلينا علمه، ولكن حين ذهب كيث إلى برلين أخبره الملك بأنه تلقى توبيخاً من روسو (١٨).
وحين خيل لجان-جاك أنه ضمن بيتاً يقيم فيه، أرسل إلى تريز لتلحق به. ولم يكن واثقاً من أنها ستأتي، لأنه أحس قبل ذلك بزمن طويل بفتور محبتها له، وعزا هذا إلى توقفه عن الاتصال الجنسي بها، لأن "الاتصال بالنساء كان يؤذي صحتي (١٩)". فلعلها الآن تؤثر باريس على سويسرا. ولكنها حضرت. وكان لقاء ذرفا فيه الدموع وتطلعا أخيراً إلى بضع سنين ينعمان فيها بالسلام.
[٢ - روسو ورئيس الأساقفة]
ولكن السنوات الأربع التالية كانت أشقى ما لقيا. ذلك أن قساوسة نوشاتل الكلفنين أدانوا روسو علانية بالهرطقة، وحظر القضاة بيع "إميل". واستأذن روسو راعي الكنيسة في موتيه في أن ينضم إلى شعب كنيسته، ربما ليهدئ ثائرة القساوسة، أو مدفوعاً برغبة صادقة في أتباع مبادئ كاهن سافوي، (أما تريز فظلت كاثوليكية)، فقبل واختلف إلى الكنيسة للصلاة، وتناول القربان "بعاطفة من القلب، وعيناي تملؤها دمع الحنان (٢٠) ". وأعطى الساخرين منه سلاحاً باتخاذ الزي الأرمني-قلنسوة من فراء،