للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"فترات لتعاطي الجعة"، وقد انتزعت نقابة النحاسين من العمال في عام ١٥٧٣ أسبوع عمل بلغت جملة ساعاته اثنتين وتسعين (١٨). ومنذ عام ١٥٧٩ نسمع بإضرابات ضد استخدام الآلات في صناعة النسيج بألمانيا (١٩). وهكذا لم يبقَ إلا نشوب الحرب حتى يصبح الفقر المدقع كارثة لا نظير لها.

[٣ - الأخلاق وآداب السلوك]

إذا صدقنا مزاعم الأخلاقيين في نصف القرن الذي نحن بصدده، كانت صورة الأخلاق لا تقل قياماً عن صورة الاقتصاد. فقد شكا المدرسون من أن الصغار الذين يعهد إليهم بتعليمهم ليسوا مسيحيين بل همج. وكتب ماتياس بريدينباخ عام ١٥٥٧ يقول: "أن الناس يربون أبناءهم تربية بلغت غاية السوء بحيث أصبح واضحاً للمعلمين المساكين … أن عليهم أن يتعاملوا … مع وحوش ضارية" (٢٠) وقال آخر عام ١٥٦١ "يبدو أن كل نظام أصبح في خبر كان، إن التلاميذ جاوزوا الحدود في العصيان والوقاحة" (٢١). وفي معظم مدن الجامعات كان المواطنون يترددون في الخروج ليلاً خوفاً من الطلاب الذين يهاجمونهم أحياناً بمداهم المفتوحة (٢٢). كتب ناتان كترانسين في ١٥٧٨ يقول: "لا شك أن من أهم أسباب انحلال أخلاق الطلاب الذي عم الآن هو تدهور التربية المنزلية. فلا عجب، بعد أن خلعنا عن أعناقنا نير القوانين والشرائع القديمة … أن نشهد بين الشطر الأعظم من شبابنا مثل هذه الإباحة المطلقة، والجهل المطلق، والوقاحة المستعصية، والإلحاد الرهيب (٢٣). ورأى غير هؤلاء "أن التمثيليات الهزلية والعروض والمسرحيات ليست من الأسباب الهينة التي ألقت بالشباب في مهاوي الرذيلة والفجور" (٢٤).

أما الكبار فقد قال الوعاظ في وصفهم أنهم منافقون، مشاكسون، نهمون سكيرون، زناة (٢٥). وشكا الراعي يوهان كونو في ١٥٧٩ من أن "الرذيلة بأنواعها استشرت حتى ليرتكبها الناس دون حياء، لا بل أنهم يفاخرون بها مفاخرة اللوطيين، وأصبحت أقبح الكبائر وأغلظها تعد فضائل … فمن