للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الفصل الثامن

العَتق

لقد وجد يهود العصور الوسطى في عزلة جماعاتهم، وفيما تسبغه عليهم شعائرهم وعقائدهم من سلوى، ملجأ لهم من تمجيد الصوفية، وزوال خداع عقيدة المسيح المنقذ المنتظر، ومما كان ينتابهم من الاضطهاد حيناً بعد حين، ومن ملل الحياة الاقتصادية الرتيبة. فكانوا يحتفلون بمظاهر التقي بالأعياد التي تذكرهم بتاريخهم، وخطوبهم، ومجدهم التليد، وعدلوا في صبر وأناة احتفالاتهم التي كانت من قبل تقسم السنة الزراعية لتوائم حياتهم الحضرية. فكان القراءون المنقرضون يحتفلون بالسبت في البرد والظلمة حتى لا يخالفوا الشريعة بإيقاد النار أو إضاءة السراج، ولكن معظم اليهود كانوا يستقدمون أصدقاء لهم من المسيحيين أو زائرين ليبقوا لهم النار متقدة والمصابيح مضيئة، وكان أحبارهم يغضون النظر عن هذه المخالفة؛ وكانوا يغتنمون كل فرصة لإقامة المآدب يظهرون فيها سخائهم وأبهتهم: فكانت الأسرة تقيم وليمة يوم ختان ابن لها أو بلوغه سن الرشد، وفي خطبة ابن أو بنت وزواجهما، أو زيارة عالم أو صديق مشهور أو حلول عيد ديني. وأصدر رجال الدين أوامر بتحديد نفقات هذه الحفلات فنهوا من يقيمونها عن أن يدعوا إليها أكثر من عشرين رجلاً، وعشر نساء، وخمس بنات؛ وجميع أقارب الداعي حتى الطبقة الثالثة. وكانت حفلات الزواج تدوم أحياناً أسبوعاً كاملاً، لا يسمحون أن يقطعها يوم السبت نفسه. وكان العروسان يتوجان بالورد، والريحان، وأغصان الزيتون، وينثر في طريقهما النقل والقمح وتنثر فوقهما حبوب الشعير رمزاً للإخلاص؛ وكانت الأغاني والنكات تصاحب كل مرحلة من