لو أننا قلنا إن هذا الوصف العام الذي وصفنا به الكثدرائية يصدق على جميع الكنائس في العالم المسيحي اللاتيني لأخطأنا خطأً كبيراً في شأن تنوع العمارة الغربية في القرنين الثاني عشر والثالث عشر. ذلك أن تأثير الفن البيزنطي قد بقي قائماً في مدينة البندقية، وقد أضيفت إلى كنيسة القديس بطرس زخارف بعد زخارف، وأبراج بعد أبراج، وغنائم تلو غنائم، ولكنها كانت على الدوام على نمط مثيلاتها في القسطنطينية ممتزجة بأخرى من بغداد. وأكبر الظن أن طراز القباب البيزنطي ذا المثلثات التي بين العقود القائمة فوق قاعدة يونانية على شكل الصليب، قد دخل فرنسا عن طرق جنوا أو مرسيليا، وظهر في كنيستي سانت إتين St. Etienne وسانت فرونت St. Front في برجويه Periguex وفي كتدرائيتي كاهور Cahors وأنجوليم Angouleme. ولما أن اعتزمت البندقية بناء قصر الدوج وتوسيعه عمدت في عام ١١٧٢ إلى خليط من الطرز المعمارية - الرومانية، واللمباردية، والبيزنطية، والعربية- وجمعتها كلها في آية من آيات الفن وصفها فيل هاردون Villehardouin في عام ١٢٠٢ بأنها جد غنية وجميلة، ولا تزال حتى الآن أكبر مفاخر القناة الكبرى في تلك المدينة.
وليس ثمة تعريف لأي طراز معماري يسلم من الشواذ، ذلك بأن أعمال الإنسان، كأعمال الطبيعة نفسها، تأبى التعميم، وتلوح بفرديتها في وجه كل قاعدة. فلنقل إذن إن العقد المستدير، والجدران والدعامات السميكة، والنوافذ الضيقة، ومساند الجدران المتصلة بعضها ببعض أو انعدام هذه المساند، والخطوط الأفقية في الغالب، لنقل إن هذه الصفات هي التي يمتاز بها الطراز الرومنسي،