إن فكرة إله بشري لم تظهر في مراحل التطور الطويلة إلا أخيراً؛ وقد برزت في صورة واضحة بعد اجتيازها لمراحل كثيرة أخرجتها من تصور الإنسان لمحيط خضم أو لحشد كبير من الأرواح والأشباح تحيط بكل شيء وتعمر كل شيء؛ ثم انتقل الإنسان من خوفه وعبادته لأرواح غامضة المعالم مبهمة الحدود، إلى تمجيد القوى السماوية والنباتية والجنسية، ثم إلى خشوعه للحيوان وعبادته للأسلاف، والأرجح أن تكون فكرة الإنسان عن الله بأنه "أب" قد تفرعت عن عبادة الأسلاف، لأن معناها في الأصل هو أن الناس قد هبطوا من الآلهة بأجسامهم، لا بأرواحهم فقط ولذا لا تجد في اللاهوت البدائي حداً فاصلا متميزاً من حيث النوع بين الآلهة والناس؛ فعند اليونان الأقدمين- مثلا- كان الأسلاف آلهة والآلهة أسلافا؛ وتلت ذلك خطوة أخرى في التطور، حين ميَّزَ الناس من بين هؤلاء الأسلاف الخليط رجال ونساء بعينهم، كان لهم امتياز خاص دون سائر الأسلاف، فأسبغوا عليهم لونا أوضح من الربوبية الصريحة؛ وبهذا أصبح أعلام الملوك آلهة حتى قبل موتهم أحياناً؛ لكننا إذا ما بلغنا من التطور هذه المرحلة فقد بلغنا المدنية التي دونها التاريخ.
[٣ - طرائق الدين]
السحر - طقوس الزراعة - أعياد الإباحة - أساطير الإله
المبعوث - السحر والخرافة - السحر والعلم - الكهنة
لما تصور الإنسان البدائي عالما من الأرواح يجهل طبيعتها وغاياتها، فقد عمل على استرضائها واجتلابها في صفه لمعونته ومن هنا كانت إضافته إلى الروحانية التي هي جوهر للديانة البدائية، سحرا هو بمثابة الروح من شعائر العبادة البدائية؛ فقد تصور البولينيزيون خضما حقيقيا مليئا بقوة السحر وأطلقوا عليه اسم "مانا" وكان الساحر في رأيهم إنما يُقطر لهم قطرات ضئيلة من هذا المورد الذي لا ينتهي،