والذي يستمد منه قدرته على السحر؛ وكان ما يسمى "بالسحر التمثيلي" هو أول الطرائق التي كسب بها الإنسان بأداء أشباه الأفعال التي يريد من الآلهة أن يؤدوها له، كأنه بذلك يغريهم بتقليده، فمثلا إذا أراد الناس أن يستنزلوا المطر، صَبَ الساحر ماء على الأرض، والأفضل أن يصبه من أعلى الشجرة؛ ويحكى عن قبيلة الكفير أنها حين تَهددَها الجفافُ، طلبوا إلى مبشر أن يذهب إلى الحقول ويفتح مظلته؛ وفي سومطره، تصنع المرأة العقيم صورة طفل تضعها على حجرها راجية أن يجيئها بعد ذلك الجنين؛ وفي "أرخبيل بابار" تصنع المرأة- إذا ما أرادت لنفسها الأمومة- عروسا من قطن أحمر، وتقوم بحركات إرضاعها، وتقول صيغة سحرية معلومة؛ ثم تبعث إلى القرية بمن يشيع أنها حملت، فيجيء أصدقاؤها لتهنئتها؛ الحق أنه لا يستطيع أن يرفض تحقيق هذا الخيال إلا واقع عنيد؛ وفي قبيلة "دياك" في بورنيو، إذا أراد الساحر أن يخفف آلام امرأة تضع، يقوم هو نفسه بحركات الوضع على سبيل التمثيل، لعله بذلك يوحي بقوة سحره إلى الجنين أن يظهر، وأحيانا يدحرج الساحر حجرا على بطنه ثم يسقطه على الأرض، أملا أن يقلده الجنين المستعصي فتسهل ولادته؛ وفي العصور الوسطى كانوا يسحرون الشخص بأن يغزو الدبابيس في تمثال من الشمع يمثل صورته وهنود بيرو يحرقون الناس ممثلين في دُماهم، ويطلقون على هذا اسم إحراق الروح، وليس سواد الناس في العصر الحاضر بأرقى من هذا السحر البدائي في تخريفهم.
كانت طرائق الإيحاء بالتمثيل تُستخدم بصفة خاصة لإخصاب التربة، فأرباب العلم في زولو يشوون الأعضاء التناسلية للرجل إذا مات في عنفوانه، ثم يطحنونها ويسحقونها رماداً يذر فوق الحقول؛ وبعض الشعوب تختار للربيع ملكاً وملكة من بين رجالها ونسائها، وتزوجهما في حفل علني، لعل التربة تصغي إلى الحفل ومغزاه فتسرع إلى أزهار النبات؛ بل إنهم في بعض