كتب سفير البندقية حوالي عام ١٥٠٠، تقريراً إلى حكومته:
"معظم الإنجليز-سواء أكانوا رجالاً أم نساءً، وفي جميع الأعمار-حسان وأجسامهم ممشوقة .. وهم يحبون أنفسهم حباً عظيماً، ويحبون كل شيء يتعلق بهم ويعتقدون، أنه ليس في الناس سواهم، وليس هناك عالم آخر سوى إنجلترا، وكلما رأوا غريباً جميلاً قالوا "إنه يشبه الإنجليزي، ومن الأسف الشديد أنه ليس كذلك".
وقد يجيب الإنجليز، بأن معظم هذا الوصف، بشيء من التعديل الضروري ينطبق على كل الشعوب .. ومن المؤكد أنهم كانوا شعباً قوياً في الجسم والأخلاق والحديث. وهم يقسمون بحرارة حتى إن جان دارك أسمتهم دائماً الملاعين.
وكان النساء أيضاً يتكلمون ببساطة، ويتحدثن عن مسائل فسيولوجية وجنسية بحرية، قد تذهل السفسطائيين اليوم. ومزاجهم كحديثهم خشن مفحش. وطباعهم جافية، حتى عند الطبقة الأرستقراطية، وعليهم أن يدربوا ويستأنسوا، بقانون سلوكي صارم. ولقد نشأت الروح الشهوانية التي اتسم بها الإنجليز في عهد أليزابث في القرن الخامس عشر، نتيجة لحياة يكتنفها الخطر والعنف والقحة. وكان على كل امرئ أن يكون شرطي نفسه، مستعداً أن يقابل الصفعة بالصفعة، وأن يقتل عند الضرورة برباطة جأش. وهؤلاء الحيوانات القوية نفسها يمكن أن تكون كريمة، شهمة ورقيقة في بعض الأحيان. فلقد بكى محاربون جفاة، عندما مات سيرجون تشاندوس وهو فارس مغوار، وتظهر رسالة مارجريت باستون إلى زوجها المريض (١٤٤٣)، كيف يكون الحب، لا عصر له ولا يضارعه شيء.