للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الستة أيام التي خلق فيها العالم، والهواء فيها معطر بالروائح الزكية، والله نفسه يجتمع بالناجين من العذاب في وليمة أعظم ما يسر أصحابها أن يروا وجهه. بيد أن بعض أحبار اليهود يعترفون بأن أحداً لا يعرف قط ما وراء القبر (٣٨).

وإذا ما فكر اليهود في النجاة كان تفكيرهم فيها أنها نجاة الشعب لا نجاة الفرد. وذلك أنهم وقد شتتوا في أنحاء العالم بضروب من القسوة لا يبررها في ظنهم عقل، وأخذوا يقوون أنفسهم باعتقادهم أنهم لا يزالون شعب الله المحبوب المختار، فهو أبوهم، وهو إله عادل، ولا يمكن أن ينكث عهده لإسرائيل. أليسوا هم الذين أنزل عليهم كتابه المقدس الذي يؤمن به المسيحيون والمسلمون ويعظمونه؟ وقد دفعتهم شدة يأسهم إلى درجة من الكبرياء اضطر معه أحبارهم الذين سموا بهم إلى تلك الدرجة أن ينزلوا بهم عنها بضروب اللوم والتأنيب. وكانوا في ذلك الوقت كما هم الآن يتوقون إلى البلد الذي نشأت فيه أمتهم، وكانوا يعزونها ويرون أنها المثل الأعلى لجميع البلدان، ويقولون "إن من يمشي أربع أذرع في فلسطين يعيش بلا ريب إلى أبد الآبدين، ومن يعش في فلسطين يطهر من الذنوب" (٣٩). وحديث من يسكنون فلسطين في حد ذاته توراة" (٤٠)، وأهم قسم في الصلوات اليومية وهو الشمونة عسراً (الفقرات الثمان عشرة) تحوي دعاء بمجيء ابن داود، الملك المسيح الذي يجعل اليهود كما كانوا أمة متحدة، حرة، يعبدون الله في هيكلهم بشعائرهم وترانيمهم القديمة.

[٢ - الشعائر الدينية]

لم يكن ما يميز اليهود من غيرهم من الشعوب في عصر الإيمان الذي نتحدث عنه، والذي يحفظ عليهم وحدتهم وهم مشتتون، هو عقيدتهم الدينية بل شعائرهم، لم يكن هو العقيدة التي لم تفعل المسيحية أكثر من التوسع فيها والتي قبل الإسلام الكثير منها بل هو قواعد الطقوس والمراسم المعقدة تعقيداً ثقيلاً. يكن في مقدور