بينما كان الكوهن مإير يلقي موعظته الأسبوعية عصر يوم من أيام السبت إذا مات ولداه المحبوبان فجأة في منزله. فغطتهما أمهما بغطاء، وأبت أن تندبهما في اليوم المقدس. ولما عاد الكوهن مإير بعد صلاة المساء سأل عن ولديه لأنه لم يرهما في الكنيس بين المصلين، فطلبت إليه أن يتلو الهبدلة (وهي دعاء يختتم به السبت) وقدمت له العشاء. ثم قالت له:"لدي سؤال أريد أن أسألك إياه. ائتمنني أحد الأصدقاء في يوم من الأيام على جواهر أحفظها له، ثم أراد الآن أن يستعيدها فهل أردها إليه؟ ". فأجابها الكوهن مإير "ذلك واجب عليك بلا ريب"؛ فأمسكت زوجته حينئذ بيده، وسارت به إلى الفراش ورفعت عنه الغطاء. فأخذ الكوهن مإير ينتحب ولكن زوجته قالت له: لقد كانا وديعة لدينا إلى حين والآن قد أراد سيدهما أن يسترد وديعته".
ولم يقل كتاب العبرانيين المقدس إلا الشيء القليل عن خلود الثواب والعقاب، ولكن هذه الفكرة أصبحت ذات شأن كبير في آراء الأحبار الدينية. فقد صوروا النار على أنها جهنم! Ge Hinnom أو شاول (١)، وقسموها كما قسموا السموات إلى سبع طبقات تتدرج في درجات العذاب. ولا يدخلها من المختتنين إلا أخبثهم (٣٦)، وحتى الآثمون الذين يدامون على الإثم لا يعذبون فيها إلى أبد الآبدين، بل إن "كل من يلقون في النار يخرجون منها مرة أخرى إلا فئات ثلاثاً: الزاني، ومن يفضح غيره أمام الناس، ومن يسب غيره"(٣٧). أما السماء فقد كانوا يسمونها جنة عدن Gen Edon، وكانوا يصورونها في صورة حديقة تحوي جميع المسرات الجسمية والروحية. فخمرها عصرت من كروم احتفظ بها من
(١) كان وادي هنم كومة من الأقذار في خارج أورشليم، تظل النار متقدة فيه لمنع انتشار الأوبئة. أما شاول فقد كانت في رأيهم مكاناً مظلماً تحت الأرض يذهب إليه جميع الأموات.