لقد تركنا علم الفلك لنعرض له في خاتمة المطاف، لأن أبطاله، وهم يقتربون من نهاية هذه الفترة، يشكلون العناصر الرئيسية فيها.
إن نفس الكنيسة التي كان عليها أن تخرس جاليليو، قادت الطريق إلى أحد المنجزات العظمى في علم الفلك الحديث-ألا وهو إصلاح التقويم. أن مراجعة التقويم التي كان قد قام بها سوسينز ليوليوس قيصر حوالي ٤٦ ق. م. أدت إلى زيادة السنة بإحدى عشرة دقيقة و١٤ ثانية. ومن ثم فإنه في ١٥٧٧ تخلف التقويم اليولياني عن تعاقب الفصول بنحو ١٢ يوماً، وبذلك لم تقع أعياد الكنيسة في المواعيد التي قصد لها أن تقع فيها. وكم من محاولات بذلت لإصلاح التقويم: في عهد كليمنت السادس، سكستس الرابع، ليو العاشر-ولكن نشأت عوائق جمة، منها عدم اتفاق الجميع على حل معين. وعدم توفر المعرفة الدقيقة بالفلك. وفي ١٥٧٦ قدم إلى البابا جريجوري الثالث عشر تقويم قام بتصويبه لوبجي ججليو. وأحاله البابا إلى لجنة من اللاهوت والمحامين ورجال العلم، ومن بينهم الجزويتي البافاري كرستوفر كلافيوس الذي اشتهر بتضليعه في الرياضيات والفلك، وواضح أن المخطط النهائي كان من صنعه. واستمرت المفاوضات طويلة مع الأمراء والأساقفة لتحقيق تعاونهم في هذا المجال وأثيرت اعتراضات كثيرة وأخفقت المساعي التي بذلت للحصول على موافقة الكنائس الشرقية. وفي ٦٤ فبراير ١٥٨٢ وقع البابا جريجوري الثالث عشر المرسوم الذي أقر "التقويم الجريجوري" في العالم الكاثوليكي. ومن أجل التعادل بين التقويم القديم والحقائق الفلكية، حذفت عشرة أيام من شهر أكتوبر ١٥٨٢، أي أن اليوم الخامس اعتبر اليوم الخامس عشر، وعمدوا من أجل ذلك إلى ضروب معقدة من الحسم والخصم في حساب الفوائد وغيرها من المعاملات التجارية. وللتعويض عن الخطأ في التقويم اليولياني، فإنهم زادوا في سنوات القرون التي تقبل القسمة على ٤٠٠، يوماً في شهر فبراير ليصبح ٢٩ يوماً.