أن ذكرنا، حث نابليون الحكومة الإسبانية على الانضمام لفرنسا في غزو البرتغال، فهربت الأسرة المالكة البرتغالية في سفينة إنجليزية إلى البرازيل، وفي ٣٠ نوفمبر سنة ١٨٠٧ قاد جونو Junot جيشا فرنسيا إسبانيا إلى لشبونة، وكاد طريقة يكون خاليا من المقاومة، وتحلق الزعماء الليبراليون في البرتغال حول الحكومة الجديدة آملين أن يلحق نابليون بلادهم وأن يقيم فيها مؤسسات تمثيل نيابي. ولاطف جونو هؤلاء الرجال، وضحك منهم في سريرته، وأعلن في أو ل فبراير سنة ١٨٠٨ انتهاء حكم أسرة براجانزا Braganza وراح هو نفسه يحكم قبضته، ويتصرف أكثر فأكثر كملك.
٢ - إسبانيا: ١٨٠٨ م
كانت إسبانيا لا تزال تعيش أجواء العصور الوسطى. لقد كانت دولة ذائبة في عشق الرب، تزدحم كاتدرائياتها المهيبة، ويقوم أبناؤها بالحج إلى المزارات المقدسة، دولة مكتظة برجال الدين، أنست إلى الغفران الذي تمنحه الكنيسة الكاثوليكية، تخشى محاكم التفتيش وتوقرها، وكان الأسبان يخرِّون ركعا سجدا في الطرقات عندما يمر أعضاء محاكم التفتيش في موكبهم المهيب. كما كان الأسبان يضعون في اعتبارهم قبل أي شيء آخر أن يكون الرب God حاضراً في كل بيت من بيوتهم يرعى أطفالهم ويحفظ عذرية بناتهم ويثيب في النهاية بالفردوس بعد اختبار مرهق اسمه الحياة.
وقد وجد جورج بورو George Borrow بعد ذلك بجيل "أن جهل الجماهير كان فظيعاً" "على الأقل في ليون Leon لدرجة أن التمائم المطبوعة ضد الشيطان وأعوانه، والتمائم التي تبعد النحس، كانت تباع علناً في المحلات وكانت تلقى رواجا كبيرا" وقد انتهى نابليون الذي كان لا يزال ابنا لحركة التنوير إلى أن " دور الفلاحين الأسبان وإسهامهم في الحضارة الأوربية أقل حتى من دور الفلاحين الروس". لقد عبر نابليون عن ذلك بينما هو يوقع الكونكوردات concordats (الوفاق) مع الكنيسة الكاثوليكية. ومع هذا فقد كان الفلاح الإسباني - كما شهد لورد بايرون يستطيع " أن يكون فخورا معتزا بنفسه كأكثر الدوقات نبالة".
وكاد يكون التعليم مقصورا على البورجوازية والنبلاء. وكانت معرفة القراءة والكتابة