البرتغال هي في الواقع مستعمرة لإنجلترا وحليفة لها، واستعر النزاع حتى استطاع نابليون أن يطول هذه الدولة الصغيرة التي كانت ترفض الانضمام إلى جهوده لإغلاق القارة الأوربية في وجه البضائع البريطانية والنفوذ البريطاني (الحصار الفرنسي المضاد)، ولم يتمكن نابليون من وضع البرتغال في محور اهتمامه إلا بعد أن كان قد فتح نصف أوربا.
وكانت البنية الاقتصادية البرتغالية غير الراسخة كامنة وراء أوضاعها العسكرية والسياسية، فكما كان الحال في إسبانيا كانت ثروة البرتغال تقوم على جلب المعادن النفيسة من مستعمراتها. وكانت هذه المجلوبات من ذهب وفضة تذهب لقاء المواد التي تستوردها البرتغال لإضفاء مظهر براق زائف على العرش وزيادة غنى الغني، وشراء الرفاهية والعبيد. ولم تكن هناك طبقة وسطى نامية لتطوير الموارد الطبيعية بزراعة متقدمة وصناعة تقوم على التكنولوجيا. وعندما أصبحت السيادة على البحار لإنجلترا أصبح وصول إمدادات الذهب للبرتغال متوقفا على إمكانية الإفلات من الأساطيل البريطانية، أو إمكانية عقد اتفاقات مع الحكومة البريطانية.
واختارت إسبانيا طريق الحرب وكادت تستنفد مواردها في بناء أسطول ممتاز في كل شيء خلا طاقم بحارته والروح المعنوية لقادته وجنوده، فعندما انضم هذا الأسطول الإسباني - على مضض - للأسطول الفرنسي، حاقت به الهزيمة في معركة الطرف الأغرّ، فأصبحت إسبانيا معتمدة على فرنسا، أما البرتغال فأصبحت معتمدة على إنجلترا مخافة أن تبتلعها أسبانيا أو فرنسا، فراح المغامرون الإنجليز يشغلون مناصب مهمة في البرتغال وراح آخرون منهم يقيمون فيها المصانع أو يتولون إدارة المصانع البرتغالية، وهيمنت البضائع البريطانية على تجارة الواردات البرتغالية ووافق البريتون Britons على شرب نبيذ الميناء من أوبورتو Oporto في البرتغال (الاسم أوبورتو يعنى ميناء port) .
لقد أسخط هذا الوضع نابليون واستثاره، إذ كان فيه التحدي لخطته القائمة على إجبار إنجلترا على قبول السلام بمنع بضائعها ومنتجاتها من دخول أسواق القارة الأوربية، ووجد نابليون في ذلك مبررا لغزو البرتغال، فالبرتغال إذا تم فتحها يمكنها أن تساهم مع فرنسا في إجبار إسبانيا على الارتباط بالسياسة الفرنسية، أو بتعبير آخر لا تجد لها فكاكا من الارتباط الدائم بفرنسا، وعندها يمكن لبونابرت آخر أن يتبوأ عرش إسبانيا.