للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الخامِس

[ما يؤخذ على الكنيسة]

هل لنا أن نعيد هنا ذكرى التهم التي يوجهها الكاثوليك المخلصون إلى الكنيسة في القرنين الرابع عشر والخامس عشر؟ إن أول هذه التهم وأشدها هي أنها كانت تحب المال وأنه كان لها منه أكثر مما يليق بها إذا أرادت أنفسها (١) الخير وقد وجه مجلس نورنبرج في عام ١٥٢٢ مائة تهمة منها أنها تمتلك نصف ثروة ألمانيا (٢٣) وقد قدر مؤرخ كاثوليكي نصيب الكنيسة بثلث أموال ألمانيا وخمس أموال فرنسا (٢٤) ولكن مدعياً عمومياً في برلمان فرنسا قدر ثروة الكنيسة في عام ١٥٠٢ بثلاثة أرباع أموال فرنسا كلها (٢٥) على أننا ليس لدينا من الإحصائيات ما نرجع إليه في هذه التقديرات أما في إيطاليا فإن ثلث شبه الجزيرة بطبيعة الحال كان ملكاً للكنيسة ونعني به الولايات البابوية، هذا فضلاً عما كان لها من الأملاك القيمة في غير تلك الولايات (٢).

وكان لتجمع الثروة في يد الكنيسة ستة أسباب. أولها أن معظم من كانوا يوصون بأموالهم عند وفاتهم كانوا يتركون لها بعض المال وقاية لهم من نار جهنم، وإذا كانت الكنيسة هي التي تشرف على عمل الوصايا وإثباتها فإن


(١) يقول باستور في كتابه تاريخ البابوات الجزء السابع ص ٢٩٣ ما يأتي: إن من أسباب سقوط الكنيسة الألمانية ثراها الفاحش الذي كانت زيادته غير المشروعة مما أثار حسد غير رجال الدين وبغضهم كما كان له أسوأ الأثر في رجال الكنيسة أنفسهم.
(٢) إن معظم الكفايات في أي مجتمع تنحصر في عدد قليل من الرجال ولهذا فإن معظم الطيبات والامتيازات والسلطات تستحوذ عليها إن عاجلاً أو آجلاً أقلية من الرجال. ولقد تجمعت الثروة في يد الكنيسة في العصور الوسطى لأنها كانت تقوم بأعمال خطيرة وكان يقوم على خدمتها أقدر الرجال. وكان الإصلاح الديني من بعض نواحيه عبارة عن إعادة توزيع هذه الثروة التي تركزت بطبيعة الحال وذلك باستيلاء غير رجال الدين على ثروة الكنيسة وإراداتها.