ترى أي صنف من الخلق كان أولئك الرومان البواسل الذين لا يقهرون؟ وأي نظم صاغتهم حتى كانت لهم هذه القوة في الأخلاق والسياسة المنقطعة النظير؟ كيف كانت بيوتهم ومدارسهم؟ وكيف كان دينهم ومبادئهم الخلقية؟ وكيف استخرجوا من الأرض تلك الثروة التي كانوا في حاجة إليها ليعمروا بها مدنهم النامية ويعدوا بها جيوشهم المتجددة على الدوام والتي لم تعرف الراحة في يوم من الأيام؟ وبأي نظام اقتصادي وأية مهارة انتفعوا بهذه الثروة خير انتفاع؟ وكيف كان هؤلاء الناس في طرقاتهم وحوانيتهم، وفي هياكلهم ومسارحهم، وفي علمهم وفلسفتهم، وفي شيخوختهم وموتهم؟ إنّا إذا نلم كل الإلمام بما كانت عليه رومه في عهد الجمهورية الأول، عجزنا عن فهم ذلك التطور الشامل في العادات والأخلاق والأفكار، الذي أنتج في جيل من الأجيال كاتو Cato الرواقي وفي جيل بعده نيرون الأبيقوري، ثم بدل آخر الأمر الكنيسة الرومانية بالإمبراطورية.