رومة، ولكن الجندي القديم فر من بلاده ليلاً، واجتاز على ظهر جواده مائة وخمسين ميلاً حتى وصل إلى ثبسوس Thapsus وركب منها سفينة إلى أنطاكية (١٩٥) حيث وجد أنتيوخوس الثالث Antiochus متردداً بين حرب رومه ومسالمتها، فأشار عليه بحربها وأصبح فيها من قواد الملك. فلما هزم الرومان أنتيوخوس في مجنيزيا (١٨٩) اشترطوا لعقد الصلح معه أن يسلم هنيبال، فما كان من هذا القائد إلا أن فر أولاً إلى كريت، ثم إلى بيثونيا Bithynia. فأخذ الرومان يطاردونه في كل مكان يلجأ إليه حتى أحاطوه في مكمنه بالجند. وآثر هنيبال الموت على الأسر، وقال في هذا:"دعوني أخفف عن الرومان ما يشغل بالهم من زمن طويل؛ فهم يظنون أنهم لا يطيقون الصبر حتى يلاقي شيخ مثلي منيته"(٣٢). وتجرع السم الذي كان يحمله معه ومات في عام ١٨٤ ق. م في السابعة والستين من عمره، وما هي إلا بضعة أشهر حتى تبعه إلى الراحة الأبدية سبيو قاهره الذي كان شديد الإعجاب به.