وما أحنقه انه خلال عِقْد من الصراع مع انجلترا موّلت فيها جيوش أوروبا ضد فرنسا وحاصرت الموانئ الفرنسية واستولت على السفن الفرنسية، وظلت - مع ذلك - هي نفسها بمنأىً عن الهجوم. وقد آن الآن أوان ما يرفضه في اللحظات التي كان فيها أكثر هدوءاً باعتباره حلماً غير عملي، لقد قرّر أن يحاول عبور هذه القناة اللعينة ليذيق هؤلاء التجار ورجال المال ويلات الحرب على أرضهم، ويكْوى بها جلودهم.
لقد أمر جنرالاته بجمع ١٥٠،٠٠٠ رجل و ١٠،٠٠٠ حصان على طول الساحل عند بولوني ودنكرك Dunkirk وأوستند Ostend، وأمر أدميرالاته بإعداد أسطول قوي في بريست Brest وركفورت Rochefort وطولون Toulon، وأن يُبحر بعد تجهيزه ويحارب ليشق طريقه بين شبكة السفن البريطانية المتناثرة إلى الموانئ حيث سيكون ملايين العمال مستعدين في انتظارهم حولي بولوني Boulogne، وفي هذه الموانئ سيقوم الرجال ببناء مئات من سفن النقل مختلفة الأنواع. وراح نابليون نفسه يغادر باريس بشكل متكرر لتفقّد المعسكرات وأحواض السفن ليطمئن على تقدم مشروعه وليرفع من روح الجنود والبحارة والعمال.
وراحت السفن الحربية البريطانية تُحكم الرقابة في القناة وعلى طول الساحل الإنجليزي - في دوفر Dover وديل Deal وفي كل مكان - راح آلاف الوطنيين يُحكمون المراقبة ليل نهار مُصرِّين على المقاومة حتى الموت لمحق أية محاولة لغزو سواحلهم التي لا تُنتهك حرمتها.
٥ - المؤامرة الكُبرى: من ١٨٠٣ إلى ١٨٠٤ م
في ليلة ٢١ أغسطس سنة ١٨٠٣ أحضرت فرقاطقة بريطانية يقودها القبطان ريت Wright عَبْر القنال الإنجليزي من إنجلترا ثمانية فرنسيين على رأسهم جورج كادودال George Cadoudal الثائر العنيد الذي يقود الثوار الملكيين الذين لم تُفلح الثورة الفرنسية في ترويضهم. لقد أنزلتهم الفرقاطة على منحدر صخري بالقرب من بيفيل Biville في نورمنديا Normandy حيث سحبتهم عُصبة من الرجال كانوا على اتفاق سابق معهم - بالحبال. وفي العاشر من ديسمبر أحضر القبطان ريت من إنجلترا إلى بيفيل مجموعة