وصف بروكبيوس في كتاب له عن فن البناء تمثالا لزوجة جستنيان فقال:"إنه جميل، ولكن جماله أقل من جمال الإمبراطورة؛ ذلك بأن التعبير عن جمالها بالقول، أو إبرازه في تمثال عمل لا يستطيعه مخلوق من البشر"(٧).
ولسنا نجد في كل ما كتب هذا المؤرخ- وهو أعظم المؤرخين بالبيزنطيين على بكرة أبيهم- إلا الثناء على ثيودورا، إذا استثنينا موضعاً واحداً لا أكثر من هذا التعميم. ولكن بروكبيوس قد كشف في كتاب له لم ينشر في أثناء حياته- ولهذا سمى الأنكدوتا Anecdota " أي الذي لم يخرج" _ عن فضيحة للملكة قبل زواجها. وقد بلغت هذه القصة عن الشناعة حداً بعث على الشك فيها وجعلها مثاراً للجدل مدى ثلاثة عشر قرناً. وهذا "التاريخ السري" موجز لما كان في صدر المؤرخ من حقد دفين صريح، وقد كتبه من وجهة نظر واحدة، وخصه كله بتسوءة سمعة جستنيان وثيودورا، وبليساريوس بعد وفاتهم. وإذا كان بروكبيوس هو أهم المراجع التي نعتمد علها في تأريخ ذلك العصر، وإذا كان هو نفسه يبدو في مؤلفاته الأخرى دقيقاً نزيهاً، فإنا لا نستطيع أن نرفض الأنكدوتا ونعدها كلها تزييفا وافتراء، وكل ما نستطيع أن نقوله فيها هو أنها انتقام عمد إليه رجل غاضب من رجال الحاشية لم تتحقق مطامعه. وها هو ذا جون الإفسوسي، الذي كان يعرف الإمبراطورة حق المعرفة، لا يطعن عليها بأكثر من قوله فيها:"ثيودورة العاهر"(٦). وفيما عدا هذا فإنا قلما نجد في أقوال المؤرخين المعاصرين ما يؤيد التهم التي رماها بها بركبيوس. نعم إن كثيرين من رجال الدين ينددون بمروقها. ولكن ما من أحد منهم يذكر شيئاً عن فجورها - وهو كرم منهم