للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الظن أن بعض الشيوخ قد اشتركوا في هذه الفتنة أو حاول رعاع المدن أن يقلبوها ثورة عارمة، فهجموا على السجون، وأطلقوا سراح المسجونين، وقتلوا عدداً من رجال الشرطة والموظفين، وأشعلت النار في المباني، وحرقت كنيسة أياصوفيا وأجزاء من قصر الإمبراطور، وهتفت الجماهير قائلة " Niha" أي النصر- وبذلك أطلق هذا الاسم على تلك الفتنة. وأفقد هذا النصر العظيم وعيه، فطالب إبعاد اثنين من أعضاء مجلس جستنيان، لم يكن يحبهما، ولعل سبب ذلك انهما كانا من ظلمة الحكام، ووافق الإمبراطور على هذا الطلب، فازداد العصاة جرأة وأقنعوا هيباشيوس Hypatius، أحد الشيوخ، بأن يقبل التاج، فقبله على الرغم من معارضته زوجته وتوسلها إليه ألا يقبله، وخرج بين هتاف الجماهير ليجلس على مقعد الإمبراطور في الألعاب التي كانت قائمة على قدم وساق في الميدان الكبير. واختبأ جستنيان أثناء ذلك في القصر، وأخذ يدبر أمر الهرب، ولكن الإمبراطورة ثيودورا أقنعته بالعدول عن هذه الفكرة، وأشارت عليه بالمقاومة. وتعهد لبساريوس قائد الجيش أن يقوم بهذا العمل، واختار من بين جنوده عدداً من القوط، وسار على رأسهم إلى ميدان الألعاب، وقتل ثلاثين ألفاً من العامة، وقبض على هيباشيوس، وأمر بقتله في السجن. وأعاد جستنيان الموظفين المفصولين إلى عملهما، وعفا عن المتآمرين من أعضاء مجلس الشيوخ، ورد إلى أبناء هيباشيوس ما صودر من أملاكهم (٦). وظل جستنيان بعد هذه الفتنة آمناً على نفسه وملكه خلال الثلاثين عاماً التالية، ولكن يبدو أن إنساناً واحداً لا أكثر هو الذي كان يحبه.