كنت ملومة في الماضي، فالسبب أنني كنت غرة طائشة. أما الآن فإنني أكثر تعقلاً، وأنا شديدة الوعي بواجبي" (٥٠). ولم يصدق البلاط ولا الشعب، ولكن-كما كتب الكونت سيجور "من الحقائق المسلم بها أنها بعد مولد طفلها الأول بدأت شيئاً فشيئاً تعيش حياة أكثر انتظاماً، وتشغل نفسها على نحو جاد. وهي أشد حرصاً على تجنب أي شيء من شأنه أن يثير القيل والقال … وحفلاتها المرحة أقل عدداً، وأقل صخباً … والإسراف يخلي مكانه للبساطة، والأرواب الفاخرة تحل محلها الفساتين التيلية الصغيرة" (٥١). ولقد كان جزءاً من العقاب الطويل الذي عوقبت به ماري أنطوانيت أن شعب فرنسا أبى أن يدرك أن الفتاة المدللة المستهترة قد غدت أماً حنوناً حية الضمير. فلا شيء يضيع هباء، ولكن كل شيء لا بد أن يدفع ثمنه.
وكانت عليمة بأن القانون الفرنسي يحرم النساء من العرش. لذلك رحبت بالحمل الثاني، وتمنت على الله ولداً. ولكنها عانت من سقط بلغ من شدته أنه أفقدها معظم شعرها (٥٢). ولكنها كررت المحاولة، وفي ٢٢ أكتوبر ١٧٨١ ولدت غلاماً سمي لوي- جوزف- زافير. وتشكك الساخرون في نسب الطفل، ولكن الملك السعيد شرب عنهم صفحاً وصاح "ولدي الدوفن! ولدي! ".
[٤ - الملك الطيب]
كان لويس النقيض لزوجته في كل شيء إلا السن. وكانت رشيقة، سريعة الخاطر، خفيفة الحركة، لعوباً، مندفعة، جياشة، طائشة، مسرفة، مؤكدة لذاتها، متكبرة، ملكة دائماً؛ وكان بطئ الحركة، بليداً، متردداً، رزيناً، هادئاً، كادحاً، مقتصداً، متواضعاً، عديم الثقة بنفسه، كل ما فيه ينطق بأنه ليس ملكاً. كان يحب النهار، وعمله، وصيده، وكانت تهوى الليل، ومائدة القنار، والمرقص. ومع ذلك لم يكن زواجهما بالزواج التعس بعد سنوات التجربة الأولى تلك، فقد كانت الملكة وفية لزوجها، والملك شغوفاً بزوجته، وحين جاء الحزن أحكم الجمع بينهما في شخص واحد.