لقد فرض على الفن أن يقاسي من جراء حركة الإصلاح البروتستنتي، ولو لمجرد إيمان البروتستنتية بالوصايا العشر. ألم يقل الرب الإله، "لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً ولا صورة ما مما في السماء من فوق، وما في الأرض من تحت، وما في الماء من تحت الأرض"(خروج ٢٠ - ٤) فأنى للفن التصويري أن يعيش بعد هذا التحريم الشامل؟ فأما اليهود فقد صدعوا بالأمر وأغفلوا الفن. وأما المسلمون فكادوا يغفلونه، واكتفوا بجعل فنهم فناً زخرفياً، تجريدياً إلى حد كبير، يمثل في أغلبه الأشياء، وقل أن يمثل الأشخاص، ولا يمثل الله أبداً. واتبعت البروتستنتية هذا الخط السامي بعد أن كشف العهد القديم من جديد، وأما الكاثوليكية التي طغى تراثها اليوناني الروماني على أصلها اليهودي فقد تجاهلت هذا التحريم المرة بعد المرة. وشكل النحت القوطي القديسين والآلهة من الحجر، وصور الرسم الإيطالي قصة الكتاب المقدس، ونسيت النهضة كل النسيان هذه الوصية الثانية وسط ازدهار الفن التصويري ازدهاراً رائعاً. فلعل هذا الخطر القديم قصد به تحريم التصوير لأغراض السحر؛ وكان لرعاة الفن في إيطالية النهضة من الفطنة وسلامة الإدراك ما جعلهم يضربون صفحاً عن تحريم بدائي لم يعد له الآن معنى.