إن الثورة التي سودت برلماناً وقتلت ملكاً-قبل أن يكفر لويس السادس عشر عن ذنوب أسلافه، بمائة وأربعة وأربعين عاماً-كانت لها جذورها في الصراع الاقتصادي والخلاف الديني.
كان الإقطاع تنظيماً يعتمد كل الاعتماد على الزراعة. وكانت الملكية تنظيماً بلغ بالإقطاع ذروته. وكانت مرتبطة أشد الارتباط باقتصاد يقوم على الملاك والأرض. وحدث في إنجلترا تطوران اقتصاديان قطعا هذه الجذور الإقطاعية. أحدهما نمو طبقة كرام المحتد ذوي الملكيات الصغيرة من غير ذوي ألقب النبالة ( Gentry) ، وهم في موقف وسط بين الأشراف أو النبلاء ذوي الألقاب، وبين صغار مالكي الأرض الأحرار أو المزارعين الذين يملكون أرضاً. وكانت أيديهم مغلولة في ظل ملك وحاشية ومجموعة من القوانين لا تزال تفكر أو تصاغ بعقلية النظام الإقطاعي. ولقد اشتروا المقاعد في مجلس النواب أو استولوا عليها عنوة، وتطلعوا إلى حكومة لبرلمان خاضع لهم هم أنفسهم. أما التطور الثاني فهو نمو ثروة البرجوازية-أصحاب المصانع والمحامون والأطباء-ومطالبتهم بتمثيل سياسي يتناسب مع قوتهم الاقتصادية، ولم يكن لهذه الدوافع الثورية مصلحة مشتركة، بل تعاونوا لمجرد أن يحاولوا كبح جماح ذوي النسب والحسب والحاشية المنتفخة الأوداج، وملك اعتبر أن الأرستقراطية الوراثية، مصدر ضروري للنظام الاقتصادي والسياسي والاستقرار.