وكان النظام الاقتصادي يغير، من عام لعام، قاعدته ونقطة ارتكازه من الأرض الثابتة إلى المال المتحرك. وقبل ١٥٤٠ كان مصنع النحاس يتطلب توظيف ٣٠٠ دولار، (بعملة الولايات المتحدة ١٩٥٨) وفي عام ١٦٢٠، ١٢٥ ألف دولار. وما جاء عام ١٦٥٠ حتى كانت المشروعات الرأسمالية التي تستلزم إنفاق اعتمادات ضخمة، قد نهضت بمصانع حجر الشب في يوركشير، ومصانع الورق في دارتفورد، ومصانع صب المدافع في برنديلي، والمناجم البعيدة العمق التي ازداد التهافت عليها للحصول على مزيد من الفحم والنحاس والزنك والحديد والرصاص. وفي ١٥٤٠ كان هناك عدة مناجم أنتج الواحد منها عشرين ألف طن. واعتمد الحرفيون والصناع الذين يستخدمون المعادن، على التعدين والصناعات المعدنية التي تركزت في أيدي الرأسماليين، وزودت مؤسسات النسيج بالمواد اللازمة، الحوانيت التي كانت تستخدم ما بين ٥٠٠ وألف عامل، والنساجين والخياطين الذين انتشروا في آلاف الدور في المدن والقرى. وكانت الزراعة تسم في التحول الرأسمالي في الإنتاج. واشترى الرأسماليون مساحات كبيرة من الأرض وسوروها، بغية إمداد المدن باللحوم، والمصانع بالصوف داخل إنجلترا وخارجها. وارتفعت تجارة إنجلترا الخارجية إلى عشرة أمثالها فيما بين عامي ١٦١٠ و١٦٤٠.
ولم يدر بخلد إنجلترا أن الهوة كانت سحيقة جداً بين الغني والفقير، و "انحطت تعويضات العمال إلى أدنى مستوى لها في النصف الأول من القرن السابع عشر، لأن أسعار الطعام زادت على حين بقيت الأجور على ما هي عليه (١) ". فإذا اتخذنا (١٠٠) كأساس، فإن الأجور الحقيقية للنجارين الإنجليز كانت ٣٠٠ حوالي سنة ١٣٨٠، و٣٧٠ في سنة ١٤٨٠، ٢٠٠ في عهد إليزابث، ١٢٠ في عهد شارل الأول-وهذا أدنى أجر في بحر أربعمائة سنة (٢). وفي ١٦٣٤ كانت البطالة فظيعة إلى حد أن شارل أمر بتدمير مصنع ميكانيكي لنشر الخشب أنشئ حديثاً، لأنه عطل كثيراً من النشارين عن العمل (٣). وكانت الحرب مع فرنسا سبباً في رفع الضرائب، كما كانت الحرب في فرنسا سبباً في تعطيل تجارة الصادرات، وسوء المحاصيل (١٦٢٩ - ١٦٣٠) سبباً في تضخم الأسعار حتى صارت البلاد على حافة