بسطت إسبارطة الآن سيادتها البحرية على بلاد اليونان، ودامت لها هذه السيادة فترة قصيرة من الزمان مثلت في التاريخ مرة أخرى مأساة من مآسي النجاح يذل صاحبَه الكبرياء. فهي لم تمنح المدن التي كانت من قبل خاضعة لأثينة ما وعدتها به من حرية، بل فرضت عليها بدلاً من هذا جزية سنوية مقدارها ألف وزنة (٠٠٠ ر ٠٠٠ ر ٦ ريال أمريكي)، وأقامت في كل منها حكماً أرستقراطياً يشرف عليه حاكم لسدموني تؤيده حامية إسبارطية. ولم تكن هذه الحكومات مسئولة إلا أمام الحكام الإسبارطيين البعيدين عنها، فأوغلت في الفساد والظلم إيغالاً لم يلبث أن أوغر الصدور على الحكومة الجديدة أكثر مما كانت موغرة على الحكومة القديمة.
وفي إسبارطة نفسها كان سيل من المال والهدايا المنهمر من المدائن الخاضعة لاستبدادها والألجركيين الأذلاء سبباً في تقوية العوامل الداخلية التي كانت تدفع المدينة دفعاً إلى الانهيار. فلم يستهل القرن الرابع حتى تعلمت الطبقة الحاكمة كيف تجمع بين الترف في الحياة الخاصة والبساطة في الحياة العامة، وحتى الحكام أنفسهم لم يعودوا يتأدبون بأدب ليتورغ إلا في