للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل السادس

[الحرب الميمونية]

لقد أحس العالم الإسلامي والعالم المسيحي بتأثير ابن ميمون كما أحس به العالم اليهودي، فقد أخذ الفلاسفة المسلمون يدرسون دلالة الحائرين بإشراف معلمين من اليهود؛ وكانت تراجم لاتينية للكتاب تدرس في جامعتي منبلييه وبدوا، وكثيراً ما كان ألكسندر الهاليسي ووليم الإوفرني يقتبسان منه في جامعة باريس. واقتفى ألبرنس ماجنس أثر ابن ميمون في كثير من المسائل، وكثيراً ما كان القديس تومس ينظر في آراء الحبر موسى ليفندها إن لم يكن لغرض آخر. وكان اسبنوزا ينتقد التفسير المجازي للكتاب المقدس الذي يقول به ابن ميمون ويصفه بأنه محاولة غير شريفة للمحافظة على منزلة الكتاب المقدس، ولعله وهو يفعل هذا كان ينقصه الإدراك السليم للتاريخ؛ ولكنه مع ذلك كان يصف الحبر العظيم بأنه "أول من جهر بأن الكتاب المقدس يجب أن يواءم بينه وبين العقل" (٧٥)، وقد أخذ عن ابن ميمون بعض آرائه عن النبوءات والمعجزات وصفات الله (٧٦).

أما في الدين اليهودي نفسه فقد كان تأثير ابن ميمون تأثيراً انقلابياً؛ وقد واصل أبناؤه وحفدته عمله فكانوا مثله علماء ويهوداً: فقد خلفه ابنه أبراهام ابن موسى في منصب النجيد وطبيب البلاط عام ١٢٠٥؛ وخلفه أيضاً حفيدة داود بن أبراهام، وابن حفيده سليمان بن أبراهام في زعامة يهود مصر. واحتفظ هؤلاء الثلاثة كلهم بتقاليد ابن ميمون في الفلسفة، وأتى على الناس حين من