للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يرضى بعد أن يرسف في أغلال الإقطاع أو ظلم روما. وقد غلب بالاعتزاز بالقومية الألمانية كل انقسام سياسي، وكبح جماح الأباطرة الذين رأوا أنفسهم فوق الوطن، والبابوات الذين اعتقدوا أنهم فوق الطبيعة، وهكذا قدر للإصلاح الديني أن ينتصر على الإمبراطورية الرومانية المقدسة وعلى البابوية أيضا. وفي عام ١٥٠٠ نشبت الحرب بين التيوتون والرومان وكان النصر مرة أخرى حليف ألمانيا كما حدث في القرن الخامس من قبل.

[٤ - نضج الفن الألماني]

وقدوم هذا العهد الجديد إنما يتجلى مظاهره في الفن. وربما كان من العسير علينا أن نصدق هذه الحقيقة. ولكن الشيء الذي لا شك فيه هو أن الطلب كان يتزايد على الفنانين الألمان في أوربا بسبب تفوقهم في كل فن حرفي، في أشغال الخشب والحديد والنحاس والبرونز والفضة والذهب والحفر والتصوير والنحت والعمارة، وذلك في أوج عصر النهضة الإيطالية من مولد ليوناردو (١٤٥٢) إلى وفاة رافاييل (١٥٢٠). ولعل فيليج فابري الأولمي قد كتب عام ١٤٨٤ بدافع الوطنية أكثر منه بدافع عدم التحيز وها هو يقول: "عندما يريد أي امرئ أن يحصل على قطعة مصنعة من الدرجة الأولى من البرونز أو الحجر أو الخشب فإنه إنما يستخدم حرفياً ألمانيا. لقد رأيت صانعي مجوهرات وصاغة وقاطعي أحجار وصانعي عربات من الألمان وهم ينتخبون آثارا رائعة بين الغزاة المسلمين بل إنهم فاقوا اليونان وبزوا الإيطاليين في الفن. وبعد نحو خمسين عاما اكتشف إيطالي آخر أن هذا لا يزال صحيحاً فقد كتب باولو جيوفو: "إن الألمان يكتسحون أمامهم كل شئ في الفن ولا يسعنا نحن الإيطاليين الخاملين إلا أن نبعث لألمانيا في طلب عمال مهرة". واشتغل المهندسون المعماريون الألمان لحساب