الطيبة حتى ظفرت بحب جبون الدائم، ولكنها لم تتغلب تماماً على تراثها الكلفني إطلاقاً، فظلت متزمتة صارمة التدين رغم ثرائها، ولم تكتسب قط ذلك المرح الراقي الذي توقعه الرجال الفرنسيون من النساء.
وفي ١٧٦٦ أنجبت الفتاة التي أصبحت فيما بعد مدام دستال. وقد غدت هذه الفتاة جرمين تكير-التي شبت وترعرعت بين الفلاسفة والحكام-عالمة وهي في العاشرة. وجعلها نبوغها المبكر مفخرة لأبويها إلى أن أرهق مزاجها العنيد العصبي أعصاب أمها. وقد أخضعت سوزان ابنتها لنظام صارم لأن الأم كانت تزداد غلواً في المحافظة كل يوم، فتمردت الفتاة، وأصبح الشقاق في هذا البيت الأنيق منافساً للفوضى الضاربة في مالية الدولة. وأضافت إلى تعاسة الأم تلك المصاعب التي لقيها نكير في محاولته تفادي إفلاس الحكومة رغم الحرب الأمريكية، وكرهها لكل نقد توجهه إليه الصحافة، حتى بدأت سوزان تحن إلى الحياة الهادئة التي كانت تحياها في سويسرا.
وفي ١٧٨٦ تزوجت جرمين، واضطلعت ببعض واجبات المضيفة في صالون أمها. غير أن الصالون الفرنسي كان آخذاً في الاضمحلال فالنقاش الأدبي كان يخلي مكانه للسياسة المتحمسة المتحزبة. كتبت سوزان إلى صديقة في ١٧٨٦ تقول "ليس عندي أنباء أدبية أسوقها إليك، فحديث الأدب لم يعد الآن موضة العصر، والأزمة بالغة الشدة، والناس لا يهتمون بلعب الشطرنج وهم على شفا جرف هار"(٥٦). وفي ١٧٩٠ انتقلت الأسرة إلى كوبيه، وهو قصر ريفي اشتراه نكير على سواحل بحيرة جنيف الشمالية. وهناك ملكت مدام دستال، وعانت مدام نكير سنوات من مرض عصبي أليم على حياتها في ١٧٩٤.
[٤ - الموسيقى]
كتب موتسارت من باريس في أول مايو ١٧٧٨:"من حيث الموسيقى أراني محاطاً بوحوش ضارية لا أكثر … سل أي شخص شئت-شريطة ألا يكون فرنسي المولد-فإذا كان له أي علم بالموضوع أجاب بهذا الجواب بالضبط .. سأكون شاكراً الإله القدير إذا هربت دون أن يفسد ذوقي"(٥٦).