كان في الفلسفة، كما كان في العلم، عاشقاً لا أستاذاً محترفاً-مع أنه صاحب الفضل في تعيين فشته وشيلنج وهيجل في كراسي الفلسفة بيينا. وكان قليل الاهتمام جداً بجدليات المذاهب الفلسفية، ولكنه كان معنياً أشد العناية بتفسير الطبيعة ومعنى الحياة. وكلم تقدم به العمر بات بفضل العلم والشعر حكيماً، وقد وجد الإنارة عن "الكل" من كل شيء، وكل لحظة، وكل جزء:"كل عابر ليس إلا رمزاً"(٤٦) و "الأقوال المأثورة العارضة" التي خلفها عند موته دون أن تطبع، تنضج بالحكمة في كل صفحة.
ولم يقدم أي نسق منطقي، ولكنه ألمع، براجماتباً إلى "أنه لا حقيقي إلا ما هو مثمر"(٤٧) وإلى أنه "في البدء كان الفعل (لا الكلمة) "(٤٨) فنحن نجد الحقيقة في الفعل أكثر مما نجدها في الفكر، وينبغي أن يكون الفكر أداة للعمل، لا بديلاً عنه. ولم يولع بكانط كما أولع به شيلر، فقد اعترف بأن الطبيعة النهائية للحقيقة تتجاوز علمنا، ولم يكن يشعر أن هذا يلزمه بسنيه العقيدة، بل على العكس أوصي بتجاهل ما لا يمكن معرفته، "إن ما لا سبيل إلى سير أغواره ليست له قيمة عملية"، والعالم المحسوس كاف لحياتنا (٤٩) ولم تساوره أي ريب أو مخاوف معرفية حول الاعتراف بوجود عالم خارجي. كتب لشيلر بعد أن قرأ كانط وشيلنج يقول "إني أسلم مختاراً بأن ما ندركه حسياً ليس الطبيعة (في ذاتها)، بل إن الطبيعة تفهم طبقاً لصور وملكات معينة لفكرنا .... ولكن توافق طبائعنا العضوية مع العالم الخارجي … (يدل على) تصميم من الخارج، وعلاقة نحو الأشياء"(٥٠)"وكثيرون يقاومون الاعتراف بالحقيقة، لا شيء إلا أنهم لو قبلوه لانهاروا"(٥١).
ولكن جوته رفض المادية رفضه للمثالية الذاتية. وقال أن "مذهب الطبيعة" الذي قال به دولباخ "بدا لنا [نحن الطلاب في ستراسبورج] شديد القتام … رهيباً كالموت، حتى لقد وجدنا في إطاقة وجود عناء ونكداً، وكنا نرتعد فرقاً منه كأنه عفريت". (٥٢) كان هذا في شبابه،