ولكنه أحس به أيضاً في شيخوخته وهو يكتب إلى كنيبل في ٨ أبريل ١٨١٢:
"إن الرجل الذي لا يدرك هذه الحقيقة. ولا يسمو إلى هذه الرؤية، وهي أن الروح والمادة، للنفس والجسد، الفكر والامتداد، … إنما هما مقوما الكون التوأمان الضروريان، وسيظلان كذلك أبد الدهر، وإن لهذين الاثنين حقوقاً متساوية، ومن ثم يمكن اعتبارهما في وجودهما معاً ممثلين لله؛ أقول أن رجلاً لا يدرك هذا خير له أن ينفق عمره في ثرثرة أهل الدنيا ولغوهم الفارغ.
وهذا بالطبعة هو سبينوزا، وجوته يتبع سبينوزا إلى الحتمية-"نحن ننتمي إلى قوانين الطبيعة، حتى أن تمردنا عليها (٥٣)، ولكنه أحياناً يميل إلى الاتفاق مع كانط على أن "حياتنا، مثلها مثل الكون الذي ننتمي إليه، تتألف على نحو ملغر من الحرية والضرورة. "(٥٤) وكان يشعر بقوة قضاء وقدر تعمل فيه-صفات تفرض نمره وتقرره، ولكنه يتعاون معها، كما يتعاون عامل حر يخدم قضية تحركه وتحتويه.
أما دينه فتجميد للطبيعة، ورغبة في التعاون مع قواها الخلاقة-قدرتها الإنتاجية المتعددة الأشكال ومثابرتها العنيدة؛ على أنه استغرق زمناً طويلاً ليكتسب صبرها. وقد شخص "الطبيعة" على نحو مبهم، فرأى فيها فكراً وإرادة، ولكنه فكر يختلف تماماً عن فكرنا، وإرادة محايدة في غير اكتراث كأنها تحايد بين ناس وبراغيث. فليس للطبيعة مشاعر أخلاقية بالمعنى الذي نقصده من التزام الجزء بالتعاون مع الكل، لأنها "هي" الكل. وفي قصيدته "الإلهي"(١٧٨٢) وصف جوته الطبيعة بأنها بغير شعور ولا رحمة. فهي تدمر كما تعمر بإسراف. "كل مثلكم العليا لن تمنعني (جوته) من أن أكون أصيلاً، صالحاً وطالحاً، كالطبيعة"(٥٥)، ومبدؤها الأخلاقي الوحيد هو: عش واجعل غيرك يعيش. وقد سلم جوته بحاجة كثير من النفوس إلى سند فوق طبيعي، ولكنه لم يشعر بمثل هذه الحاجة إلا في أخريات عمره. ""من عنده الفن أو العلم فهو يملك (ما يكفي من)