حكومة دستورية، يمكن أن يحشد فيه ذكاء جميع الطبقات للتأثير في التشريع والإدارة والسياسة. وقد طالبت بالتحرر من هيمنة الدولة أو الطوائف النقابية على الصناعة أو التجارة، ولكنها لم تكره الإعانات المالية الحكومية، أو التأييد من الفلاحين وجماهير المدن لتحقيق أهدافها. وكان لب الثورة الفرنسية هو إطاحة البورجوازية بالنبلاء والأكليروس، وهي بورجوازية استخدمت سخط الفلاحين للقضاء على الإقطاعية، وسخط جماهير المدن لشل جيوش الملك. فلما عقد اللواء للجمعية التأسيسية بعد عامين من الثورة، ألغت نظام الإقطاع، وصادرت أملاك الكنيسة، وأجازت تنظيم التجار، ولكنها حظرت جميع تنظيمات العمال أو تجمعاتهم (١٤ يونيو ١٧٩١)(٥٤).
[٥ - احتشاد القوى]
كانت هذه القوى الثورية كلها خاضعة لتأثير الأفكار، وقد استخدمتها قناعاً للرغبات ومؤججاً لها. وكان يوجد بالإضافة إلى الدعوة لتي نشرها الفلاسفة الفزيوقراطيين شيوعيون مبعثرون واصلوا ووسعوا الاشتراكية التي فصلها في الجيل الماضي موريللي، ومابلي، ولنجيه (٥٦). فسبق بريسو دفارفيل بكتابه "مباحث فلسفية حول حق الملكية"(١٧٨٠) كتاب بيير برودون "ليست الملكية إلا لصوصية"، إذ زعم أن الملكية الخاصة إنما هي سرقة للممتلكات العامة، فليس هناك "حق مقدس … يبيح أكل طعام عشرين رجلاً بينما يكون نصيب الرجل الواحد غير كاف "والقوانين" مؤامرة الأقوياء على الضعفاء، والأغنياء على الفقراء"(٥٧). وقد اعتذر بريسو فيما بعد عن كتبه الأولى باعتبارها فورات طالب، وأصبح من زعماء الجيروند، وأعدم بالجليوتين لاعتداله (١٧٩٣).
وفي ١٧٨٩ قبيل الاستيلاء عنوة على الباستيل، أصدر فرانسوا بواسيل "كتاب "تعليم النوع الإنساني بالسؤال والجواب"، قطع الشوط كله إلى الشيوعية، فزعم أن كل الشرور مردها الطبقة المرتزقة، القاتلة للبشر، والمعادية للمجتمع، التي ظلت إلى الآن تحكم الناس وتذلهم وتدمرهم"(٥٨). ولقد استرق الأقوياء الضعفاء، ووضعوا القوانين ليحكموا. واخترعت