للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك بمدة طويلة، وكانت بريطانيا قد سبق لها أن أصدرت تراخيص مشابهة - ٤٤،٣٤٦ منها بين ١٨٠٧ و ١٨١٢ - لإلغاء الحظر على بضائعها. إن نابليون - بالمقارنة - لم يُصدر سوى ٤٩٤ ترخيصاً بحلول ٢٥ نوفمبر سنة ١٨١١، ومع هذا فإن إسكندر أشار إلى أنه بينما يطالب نابليون روسيا بحظر دخول البضائع البريطانية حظراً تاماً فإنه - أي نابليون يتغاضى عن دخولها إلى فرنسا.

وباختصار فإن الحصار القاري الذي فرضه نابليون كان رغم تدني جماهيريته بشكل واسع، ورغم الصعوبات والأخطاء التي قامت في سبيله - يبدو ناجحاً في سنة ١٨١٠. لقد أصبحت إنجلترا على حافة الإفلاس، بل وعلى حافة الثورة المطالبة بالسلام مع فرنسا، وكانت الدول المتحالفة مع فرنسا متذمرة لكنها كانت خاضعة مطيعة، وكانت فرنسا رغم الاستنزاف المالي والبشري الذي سبَّبته الحرب الأيبيرية، مزدهرة اقتصاديا ربما كما لم تكن في أي وقت آخر مضى. ولم يكن لدى الفرنسي سوى القليل من الحرية، لكن كان لديه فرنكاته، ونصيبه من عظمة فرنسا المنتصرة، وإمبراطورها الذي لا نظير له.

٢ - فرنسا في حالة ركود اقتصادي: ١٨١١ م

وفجأة - كما لو أن بعض القوى الشريرة كانت تُنسّق لإحداث كوارث - بدا كل الاقتصاد المتعدد الأوجه ينهار متمزقا إربا غارقاً في دوامات الفشل البنكي، والاضطرابات في الأسواق، وإغلاق المصانع والبطالة والإضرابات والتمرد بل وخطر المجاعة - كان كل هذا والإمبراطور الأعجوبة الذي لا يمل يخطط لجمع الأموال والجنود ورفع الروح المعنوية لخوض معركة حياة أو موت مع روسيا البعيدة المجهولة الواسعة.

إن أسباب ركود اقتصادي حديث يصعب تحديدها، فكيف سنحلِّل أسباب الركود الاقتصادي في فرنسا في سنة ١٨١١؟ إنه لأمر أشد صعوبة، مما يظن أكبرنا سناً (ممن شهدوا الركود الاقتصادي الحديث)، وهناك مؤرخ نابه أرجع الركود الاقتصادي الفرنسي السابق ذكره إلى سببين:

(١) فشل صناعة الغزل والنسيج في فرنسا في تدبير المواد الخام ورأس المال.

(٢) وفشل شركات الصرافة في لوبك. لقد كانت مصانع الغزل في فرنسا