للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكن سويسرا وشمال إيطاليا ومجتمعات الراين ازدهرت نتيجة امتداد المؤسسات النابليونية بشكل غير معوِّق. أما كلما اتجهنا إلى الشرق (في أوربا) حيث الصناعة أقل تطورا، فإن الحصار القاري - بمنعه بيع منتجات الإقليم لبريطانيا - كان عبئاً أدى إلى زيادة الاستياء. وبطبيعة الحال، كان هذا أكثر ما يكون وضوحاً على نحو خاص في روسيا.

وكانت نقطة الضعف الأساسية في الحصار القاري (الذي فرضه نابليون) هي أنه كان معاكسا للرغبة البشرية الطبيعية في طرق كل الأبواب المؤدية إلى الكسب. لقد كانت موانئ أوربا ومدنها الساحلية غاصة بأناس كان الواحد منهم راغباً في المخاطرة بحياته لتهريب البضائع البريطانية إلى القارة، فقد أصبحت هذه البضائع جذابة بسبب منعها، وكان أصحاب الصناعات داخل القارة الذين كانوا يجدون لبضائعهم أسواقاً أجنبية غير راضين بإجبارهم على التخلي عن الأسواق البريطانية. وأدى استياء الأسر التجارية الكبيرة في هولندا إلى حدٍ دفع الملك لويس بونابرت إلى الكتابة للقيصر الروسي إسكندر متجاوزاً الحد في انتقاد نابليون بمرارة لا ترحم.

وفي مواجهة المعارضة المتزايدة استخدم نابليون ٢٠٠،٠٠٠ دار جمارك وآلافاً من رجال الشرطة السرية أو المعروفين، وما لا يُحصى من الجنود لكشف أي خرق للحصار، والقبض على من يرتكب هذه المخالفة وعقابه ومصادرة البضائع المهربة. وفي سنة ١٨١٢ أصدرت محكمة الجمارك في هامبورج في ظرف ثمانية عشر يوماً، ١٢٧ حكماً كان بعضها بالإعدام، إلا أن الحكم بالإعدام كان على أية حال نادراً، بل وحتى أحكام الإعدام التي صدرت لم تكن تُنفَّذ. وكانت البضائع المصادرة تباع للخزانة الفرنسية، وكان بعضها يُحرق علناً مما كان ينفّر كل المشاهدين تقريبا ويسبّب استياءهم.

ولتخفيف العداء على نحو ما، ولزيادة الدخل ولسد العجز، بدأ نابليون في سنة ١٨٠٩ في بيع التراخيص، وعادة ما كان الحصول على الترخيص مقابل ألف فرنك - وذلك لاستيراد البضائع البريطانية التي يثبت ضرورتها للصناعة الفرنسية أو ضرورتها لرفع الروح المعنوية للفرنسيين، أو تصدير بضائع إلى بريطانيا مقابل البن والسكر والذهب. ورغم أن نابليون بدأ رسمياً في إصدار هذه التراخيص علناً منذ سنة ١٨٠٩ إلاَّ أنه فيما يُقال كان يصدرها قبل