فارتفعت صادراتها إلى البرتغال وأسبانيا وتركيا (الدولة العثمانية) ٤٠٠% بين عام ١٨٠٥ و ١٨١١ إلى أن أتى الغزو الفرنسي المكلِّف لشبه الجزيرة الأيبيرية.
وكانت الأمور تزداد سوءا في بريطانيا كلَّما استمر الحصار؛ لقد انخفضت صادراتها إلى شمال أوربا بما نسبته ٢٠% في عامي ١٨١٠ - ١٨١١. وأدى تراجع ميزانها التجاري إلى ارتفاع المبالغ المدفوعة بالذهب في أوربا، كما أدى إلى انهيار قيمة الجنيه في العالم إلى درجة دفعت المعارضة ممثلة في زعيميها جرينفيل وجراي Grenville & Grey إلى المطالبة بالسلام بأي ثمن. وفي سنة ١٨١١ - أي قبل عام من حرب نابليون مع روسيا - وصل تأثير حصاره القاري ذروته في بريطانيا العظمى.
وكان الحصار البريطاني لفرنسا مفيداً بشكل جوهري لها (أي لفرنسا) فرغم أن موانئ فرنسا - لي هافر Le Havre ونانت Nantes وبوردو ومرسيليا - كانت قد تعرضت لخراب اقتصادي شديد حتى إن المدينتين الأخيرتين طالبتا بعودة حكم البوربون، إلا أن التجارة الفرنسية الداخلية استفادت من إزاحة المنافسة البريطانية، واستفادت من تدفق الذهب ووفرة رأس المال، والإعانات المالية التي تقدمها حكومة رجل الأعمال التي أَثْرت خزانتها بغنائم الحرب. وكانت أرباح التجار ورجال الأعمال الفرنسيين لا تزال أكثر بسبب هذه العوامل وبسبب تحسن أحوال أسواق القارة وزيادة التيسيرات فيها في ظل سيادة نابليون. وتضاعفت صناعة النسيج أربع مرات في الفترة من ١٨٠٦ إلى ١٨١٠ مما عجَّل بالثورة الصناعية - بعد ذلك - في فرنسا. وأعطى انعدام البطالة والاستقرار السياسي في نطاق الحدود الممتدة حافزاً للصناعة حتى إنه لو ربحت فرنسا الحروب النابليونية لكانت قد أدركت إنجلترا إنتاجاً وتجارة عالمية، وضارعتها.
وكان الحصار القاري (الذي فرضته فرنسا) مفيداً لصناعتها وتجارتها الداخلية، لكنه كان مُضراً بالتجارة الخارجية بالنسبة إلى دول النظام القاري التابعة لنابليون. فالمدن الهانسيتية Hanseatic - أمستردام، وهامبورج، وبريمن ولوبك Lubeck - كان من الطبيعي أن تعاني من الحصار القاري المزدوج (المقصود الحصار القاري الذي فرضه نابليون على البضائع البريطانية، والحصار الذي فرضته بريطانيا على الموانئ والسواحل الفرنسية والتابعة لفرنسا)،