كادت سينا في القرن الرابع عشر تلاحق فلورنس في التجارة والحكم والفن. أما في القرن الخامس عشر فقد أنهكت قواها في أعمال العنف والتعصب الحزبي إلى حد لم تصل إليه أي مدينة أخرى في أوربا، فقد تناوبت على حكم المدينة خمسة أحزاب - أو خمسة تلال Monti كما يسميها أهلها - أسقطت كلا منها ثورة جامحة نفي على أثرها أعضاؤه البارزون واكنوا يبلغون في بعض الأحيان عدة آلاف. وفي وسعنا أن نتبين حدة هذا النزاع من اليمين التي أقسمها حزبان من هذه الأحزاب الخمسة والتي يعلنان بها عزمها على وضع حد لهذا النزاع (١٤٩٤). ويصف شاهد عيان روعته هذه الحال أعضاء الحزبين مجتمعين اجتماعاً رهيباً في سكون الليل في جناحين منفصلين بكنيستهم الرحبة الخافتة الضوء:
وقرئت شروط الصلح وكانت تملأ ثماني صفحات، وصحبتها يمين من أشد الأيمان رهبة، مليئة بألفاظ المقت واللعن، والحرمان، واستنزال الشر، ومصادرة الأموال، وغيرها من المصائب التي تستك منها المسامع والتي لا ينجي منها شيء حتى القربان المقدس ساعة الموت. بل إنه سيضاعف اللعنات على الذين ينكثون العهد ويحالفون هذه الشروط؛ وإني … لأعتقد أن أحد لم يسمع قط يميناً أشد هولا أو رهبة من هذه اليمين. ثم أخذ الكتبة الواقفين على جانبي المحراب يسجلون أسماء جميع المواطنين وهم يقسمون على الصليبين الموضوعين في كلا الجانبين، ثم يقبله كل اثنين من هذا الحزب وذاك، وتدق أجراس الكنيسة وينشد دعاء "لك الحمد يا رب" مصحوباً بموسيقى الأرغن أثناء تلاوة القسم.