وكانت زوجته ألبني دي فاسا Albinie de Vassal قد تزوجت وطلقت قبله مرتين، وكان مطلّقاها لا يزالان على قيد الحياة، لذلك لم يكن مونثولو واثقا فيها تماما في أي وقت من الأوقات، وتردّدت إشاعات في سانت هيلينا أنها كانت تساعد نابليون على تدفئة فراشه، وقد تناول المندوبون الروس أمرها بخشونة:"رغم أنها كبيرة السن وفاسقة وسمينة فإنها اليوم خليلة رجل عظيم". وعندما غادرت الجزيرة (١٨١٩) بكى نابليون. أما مونثولو نفسه فقد بقي إلى النهاية وشارك بيرتران في العناية بالأسير المحتضر وكان يُسمَّى المنفّذ المشارك لتحقيق الإرادة الإمبراطورية. وعندما عاد إلى فرنسا شارك ابن أخي نابليون في السجن سبع سنين وساعده بعد ذلك ليكون إمبراطورا آخر.
[٤ - الدكتاتور الكبير]
لقد كان العدو اللدود لهؤلاء المنفيِّين هو الوقت وابنه الضجر، فهم رجال كانوا قد أدمنوا العمل وتآلفوا مع الموت، وصاروا الآن وقد أصبحت مهمتهم هي العناية بشخصية عالمية سقط من عليائه الإمبراطورية إلى سجين لا حول له ولا قوة بكل آلامه وأمراضه وضعفه البشري، بل إن نابليون نفسه قال:
"إن وضْعي مُرْعب، إنني كميّت حي أو كميت لازالت رغباته موجودة"،
فالبطل الذي كان فيما سبق يتطلع إلى مزيد من الوقت لمواجهة مهامه التي اختارها أو لينفذ خططه، أصبح يشعر الآن أن الساعات تمر ثِقَالا، وأصبح يرحب بالليل ليخفف عنه - بالنوم - وطأة الوقت، بل لم يكن الليل حتى ليشفي علّته، فنظراً لقلة العمل وجد صعوبة في النوم فراح يتنقّل من سرير إلى أريكة إلى كرسي، ثم يعود مرة أخرى بحثا عن اللاوعي (راغباً في الغَيبوبة).
وغالبا ما كان يلعب الشطرنج يوميا، وكان يضجر بانتصاره (في الشطرنج) فلم يكن من ندٍ له يجرؤ على هزيمته (في لعبة الشطرنج) وخلال السنة الأولى في منفاه كان يركب حصانه لعدة أميال يوميا لكنه سرعان ما عزف عن ذلك عندما لاحظ أن بعض الضباط البريطانيين كانوا يراقبونه دوما. وكان يقرأ لعدّة ساعات في اليوم لقد كان دَوْما يحب الكتب، وكان لابد أن يقرأ بعض الوقت حتى في الأيام التي يكون مشغولاً فيها، لقد كان