لقد كان في دين اليونان ثلاثة عناصر وثلاث مراحل رئيسية: عنصر أرضي ومرحلة أرضية، وعنصر أولمبي ومرحلة أولمبية، وعنصر صوفي ومرحلة صوفية. وأكب الظن أن أول العناصر وأولى المراحل من أصل بلاسجي- ميسيني، وأن ثانيهما وثانيتهما من أصل أخي- دوري، وثالثهما وثالثتهما من أصل مصري- أسيوي. وكانوا يعبدون في المرحلة الأولى آلهة تحت الأرض وفي الثانية آلهة سماوية وفي الثالثة آلهة بعثت بعد الموت. وكانت العبادة الأولى أكثر انتشاراً بين الفقراء، والثانية بين الأغنياء، والثالثة بين الطبقة المتوسطة- الدنيا. وسادت العبادة الأولى قبل العصر الهومري والثانية في أثنائه والثالثة بعده. ولم يكد يحل عصر الاستنارة في أيام بركليز حتى كان التخفي أقوى العناصر في الدين اليوناني. والتخفي عند اليونان احتفال سري يُكشف فيه عن رموز مقدسة، وتُقام فيه طقوس رمزية، لا يتعبد بها إلا المطلهون على أسرارها. وكانت هذه الطقوس في العادة تمثل تعذب إله من الآلهة وموته وبعثه، أو تحيي ذكرى هذا العذاب والبعث والموت بطريقةشبه مسرحية، وتسير إلى موضوعات زراعية قديمة وإلى ضروب من السحر، وتعِدُ أولئك المطلعين حياة أبدية خالدة.
وكانت أماكن كثيرة في بلاد اليونان تمارس هذه الطقوس الخفية، ولكن ما من مكان كان يضارع إلوسيس من هذه الناحية. وكان ما فيها من الطقوس موروثاً من عهد ما قبل الآخيين، ويبدو أنها كانت في الأصل احتفالاً في الخريف بالحرث والزرع. فقد كانت ثمة أسطورة تقول إن دمتر أرادت أن تكافئ أهل أتكا لعطفهم عليها في تجوالها فأقامت في إلوسيس أعظم هيكل من