لو صدقنا سان-سيمون لكانت سيرة جيوم دبوا النقيض لأعظم مبادئ شبابنا إلهاماً. فقد جمع كل رذيلة، وحقق كل نجاح إلا "نجاح الاحترام". فلنستمع مرة أخرى إلى سان-سيمون يقول في زميله عضو المجلس:
"كان ذكاؤه من النوع العادي جداً، ومعارفه من أكثر المعارف شيوعاً، وكفايته صفراً، مظهره مظهر العرسة، مظهر الرجال المتحذلق، حديثه ثقيل، متقطع، غامض أبداً، زيفه مكتوب على قسمات وجهه، … ما من شيء في رأيه جدير بالتقديس … يجهر باحتقاره للإيمان، والعهود، والشرف، والاستقامة، والصدق، ويلذه أن يهزأ بهذه الأشياء كلها، تستوي فيه الشهوة والطمع .. .. وإلى هذا كله كان ناعماً، ذليلاً، ليناً، منافقاً، كاذباً في إعجابه، يتخذ كل لبوس بيسر كثير … حكمه معوج برغم إرادته … ومن عجب أنه لم يستطع، وفيه هذه النقائض، أن يغوي من الناس إنساناً إلا دوق أورليان، الذي أوتي نصيباً موفوراً من الذكاء واتزان العقل، ووهب الكثير من الإدراك الواضح السريع لأخلاق الناس (٨٧) ".
وكان هذا خليقاً بأن يؤدي المؤلف القاسي إلى التشكك في صواب غيرته. على أننا يحب أن نعترف بأن دكلو يتفق مع سان-سيمون (٨٨).
كان دبوا في عامه الستين حين قلدته الوصاية السلطة، متهدماً بعض الشيء بعد أن أصيب بعدة أمراض تناسلية (٨٩)، ولكنه كان قادراً على الترفيه عن مدام دتنسان حين وقعت من أحضان فليب. على أية حال لا بد أن أوتي شيئاً من الفطنة العقلية، لأنه أدار الشئون الخارجية إدارة لا بأس بها. وقد أخذ رشوة ضخمة من بريطانيا ليصنع ما ظنه خيراً لفرنسا. ذلك أن حزب الأحرار في إنجلترا، والإمبراطور شارل السادس في النمسا، كانا يتآمران للتنكر لمعاهدة أوترخت واستئناف الحرب ضد فرنسا. وكان فليب الخامس يتحرق شوقاً لعرش فرنسا غير قانع بعرش أسبانيا، وخيل إليه أن إبرام اتفاق مع إنجلترا سيزيح العقبات عن طريقه. فلو أن إنجلترا، وأسبانيا، والنمسا