والأراضي المنخفضة النمساوية (بلجيكا) اتحدت في حلف أعظم جديد. لطوقت فرنسا بالأعداء من جديد، ولأبطلت كل سياسات ريشليو ولويس الرابع عشر وانتصاراتهما. ومنعاً لمثل هذا الاتحاد أبرم دبوا وفليب اتفاقاً مع إنجلترا والأقاليم المتحدة (هولندا) في ٤ يناير ١٧١٧. وكان هذا الاتفاق نعمة لفرنسا، ولتوازن القوي الأوربي، ولبريطانيا؛ فلو أن فرنسا وأسبانيا تملك عليهما ملك واحد لتحدي أسطولهما الموحد سيطرة إنجلترا على البحار. كذلك كان نعمة للملكية الهانوفرية الجديدة غير الآمنة في إنجلترا، لأن فرنسا تعهدت الآن بألا تبذل مزيداً من العون للمطالبين الاستيوارتيين بالتاج الإنجليزي.
وغُلبت الحكومة الأسبانية على أمرها، ولم ترقها هذه الهزيمة فاشترك البيروني، وزيرها الحاكم، في مؤامرة كيلامار ودوقة مين للإطاحة بالوصي وجعل فليب الخامس ملكاً على فرنسا. واكتشف دبوا المؤامرة، وأقنع الوصي على كره منه بأن يحذو حذو إنجلترا في إعلانها الحرب على أسبانيا (١٧١٨). وأنهت معاهدة لاهاي (١٧٢٠) هذا الصراع. ورغبة في دعم السلام رتب دبوا زواج ابنة الملك فليب بلويس الخامس عشر، وبنات الوصي بأبناء فليب. وعقدت الزيجات على جزيرة بيداسو الواقعة على الحدود (٩ يناير ١٧٢٢) واحتفل بها في حفل لإحراق المهرطقين (٩٠). ولما كانت الأميرة الأسبانية ماريا آنا فكتوريا لا تتجاوز الثالثة من عمرها، فلا بد أن ينقضي زمن قبل أن ينجب منها لويس الخامس عشر وريثاً للعرش، فإذا حدث أن مات الملك الصبي خلال هذه الفترة، فإن الوصي يصبح ملكاً على فرنسا، ويصبح دبوا وزيره الدائم.
وتسلق بدهاء خطوة فخطوة. ففي ١٧٢٠ عُين رئيس أساقفة على كمبري، وبمفارقة مضحكة من مفارقات التاريخ طلب ملك بروتستنتي هو جورج الأول، إلى الوصي الشاك أن يقنع البابا بأن يخلع على دبوا هذا الكرسي الرياسي الشهير، الذي شرفه قبل ذلك فنيلون، وشارك أساقفة فرنسا بما فيهم التقي الورع ماسيون في الاحتفالات التي أضفت هذا الشرف على رجل كان يرى فيه الكثير من