إيطاليا التي نبذت الإصلاح الديني، كانت قد ذهبت بعيداً عنه لتحطيم اللاهوت القديم، حتى الأخلاق المسيحية، وعلى حين أن العقيدة في عهد إليزابث نازعت الكاثوليكية والبروتستانتية، نجد أدب ذاك العصر، وقد تجاهل هذا الصراع، عاد إلى روح النهضة وحيويتها. ولما أصابت إيطاليا النكسة لبعض الوقت، بسبب تحول طرق التجارة، أسلمت مشعل الميلاد الجديد لأسبانيا وفرنسا وإنجلترا.
[٢ - حرب الأدباء]
وفي وسط هذه الوفرة والحيوية في عصر إليزابث، كان ثمة فيضان جارف من الشعر والنثر كليهما. وإنا لنعرف أسماء مائتين من الشعراء في عهد إليزابث، ولكن النثر كان هو الذي يجذب انتباه الناس ويطرق أسماعهم بقوة في هذا العصر في إنجلترا، حتى أخرج سبنسر "فيري كوين The Faerie Queen" (١٥٩٠) .
وكان جون ليلي أول من عمد إلى هذا اللون في قصته الخيالية يوفيس Eupheus أو "تشريح الذكاء" في ١٥٧٩. وعرض ليلي أن يظهر كيف أن العقل السليم والخلق الكريم يمكن تكوينهما عن طريق التعليم والتجربة والأسفار والنصح الحكيم. ويوفيس (الكلام الطيب) شاب أثيني تقدم مغامراته مسرحاً لمحادثات مسهبة عن التعليم والسلوك والصداقة والحب والإلحاد-ومما جعل هذا الكتاب أكثر الكتب رواجاً في عصره، هو أسلوبه-فيض من الجناس والطباق والتشبيه والتورية، والجمل المتوازنة والإشارات القديمة والأفكار، مما هاج حاشية إليزابث، وأصبح الأسلوب السائد لمدة جيل، مثال ذلك:
إن هذا الشاب الأنيق الذي يتحلى بالذكاء أكثر مما يملك مالاً، بل يملك من المال أكثر ما لديه من الحكمة، ومذ يرى أنه لا يقل عن غيره من حيث الأفكار الجميلة، فقد حسب أنه يفوق الجميع في التصرفات الأمينة، إلى حد حسب معه نفسه صالحاً لكل شيء، ومن ثم لم يتوفر على شيء قط (١٠).