للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الرابع

[هنيبال]

ترى لمَ سكتت رومه حتى عادت قرطاجنة إلى فتح أسبانيا؟ لقد أرغمها على هذا السكوت أن النزاع بين الطبقات كان يمزق أحشاءها، وأنها كانت تمد سلطانها على شواطئ البحر الأدرياوي، وكانت مشتبكة في حرب من الغالبين. ذلك أن أحد التربيونين وهو كيوس فلامينيوس Caius Flaminius قد سبق ابني جراكس Gracchii فأقنع الجمعية في عام ٢٣٢ بالموافقة على اقتراح يقضي بتوزيع أراضي غنمتها رومه من الغالبين على فقراء المواطنين، وذلك بالرغم من معارضة مجلس الشيوخ الشديدة لهذا الاقتراح. وفي عام ٢٣٠ خطت رومه الخطوة الأولى لفتح بلاد اليونان، وذلك بتطهير البحر الأدرياوي من القراصنة وباستيلائها على جزء من سواحل ألبريا lilyria لتحمي بذلك التجارة الإيطالية من العدوان. ولما أن اطمأنت على سلامتها من ناحيتي الجنوب والشرق اعتزمت أن تطرد الغاليين إلى ما وراء جبال الألب، وتجعل من لإيطاليا بأكملها دولة متحدة كل الاتحاد. وأرادت أن تضمن سلامتها من ناحية الغرب فعقدت معاهدة مع هزدروبال تعهد فيها القرطاجنيون بأن يبقوا جنوب نهر الإبرة Ebro، وعقدت في الوقت نفسه حلفًا مع مدينتي سجنتم Saguntum وامبورياس Ampurias الأسبانيتين الإغريقيتي الصبغة. ولكن جيشاً غالياً مؤلفاً من خمسين ألفاً من المشاة وعشرين ألفاً من الفرسان إنقض على شبه الجزيرة من الشمال. وارتاع سكان العاصمة أشد الارتياع، ولجأ مجلس الشيوخ إلى العادة البدائية عادة التضحية البشرية، ودفن اثنين من الغالة حيين في السوق العامة مرضاة للآلهة (٢٠). والتقت الفيالق الرومانية بالغزاة قرب تلامون Telamon وقتلت منهم أربعين ألفاً وأسرت عشرة