للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"الشجرة الساحرة يا ربيبة الخمر، يا كرمة، أينعي وطولي فوق قبر أنكريون حتى يستطيع الصاحب الثمل صديق الشراب الصافي، الذي كان يقضي الليل الطويل يقصف ويطرب ويُنشد على نغمات العود أغاني حب الغلمان، حتى يستطيع ذلك الصاحب الثمل أن يعبث بما فوق رأسه المدفون من عناقيد غصن مليء مثقل، وحتى لا ينفك يبتل برضاب الندى الذي لم يكن شذاه الذكي إلا أنفاساً تخرج من فمه الرقيق حين كبر" (٦٦).

[٥ - طشيوز، أزمير، فوسيا]

تمتد أرض اليونان الأصلية من تئوس نحو الغرب في خلجان ونتوءات أرضية متتالية، حتى إذا قطع المسافر في البحر عشرة أميال وصل إلى طشيوز Chios (١) . وليس ببعيد أن يكون هومر قد قضى شبابه في هذه الجزيرة بين غياض التين والزيتون والكروم الأنكرونية. وكان عصر الخمر من الصناعات الكبرى في طشيوز، وكان يشتغل به عدد كبير من الرقيق؛ فقد كانت الجزيرة في عام ٤٣١ تضم ٠٠٠ ر ٣٠ من الأحرار و ٠٠٠ ر ١٠٠ من الأرقاء (٦٧)، وأصبحت على مر الزمن سوقاً كبرى للنخاسة، فكان النخاسون يبتاعون من الدائنين أبناء مَن عجزوا عن الوفاء بديونهم، ويبتاعون الغلمان ليجعلوهم خصياناً يخدمون في قصور ليديا وفارس (٦٨).

وفي القرن السادس ثار الأرقاء بزعامة زميلهم درمكوس Drimachus وهزموا جميع الجيوش التي أرسلت للقضاء عليهم، واعتصم قائدهم بمكان منيع في الجبال وفرض الإتاوات على الأغنياء من أهل الجزيرة، ونهب أموال من يرى أن أموالهم خليقة بأن تُنهب، وعرض عليهم "حمايته" نظير جعل معين كما يحدث


(١) هذا هو الاسم التركي لهذه الجزيرة ولا تزال تُعرف به الآن. (المترجم)