بينما كان الفيزوقراطيون يرسون الأساس النظري للرأسمالية، كان موريللي ومابلي، ولانجيه، يشرحون الاشتراكية والشيوعية. فقد عزت الطبقات المتعلمة نفسها بمتع هذه الأرض بعد أن تخلت عن آمالها في السماء: فتجاهل الأغنياء منهم المحظورات الدينية، وأطلقوا العنان لرغباتهم في الثروة والقوة والنساء والخمر والفن؛ ووجد العامة عزاء في عالم مثالي تقسم فيه خيرات الأرض بالقسط بين البسطاء والموهوبين، وبين الضعفاء والأقوياء.
ولم تقم في القرن الثامن عشر حركة اشتراكية، ولا جماعة محددة مثل جماعة المسوين في إنجلترا كروميل، أو يسوعي برجوازي الشيوعيين. وأقتصر الأمر على أفراد متفرقين أضافوا أصواتهم إلى صيحة متصاعدة ستصبح في "جراكوس" بابوف عاملاً في الثورة الفرنسية. ونذكر القراء بأن الكاهن الشكوكي جان ميزلييه طالب في كتابه "الميثاق" الذي أصدره عام ١٧٣٣ بمجتمع شيوعي يقسم فيه الناتج القومي بالتساوي بين الناس ويتزاوج فيه الرجال والنساء وينفصلون كما يشاءون، ثم ألمع إلى أنه مما يعين في هذا اليباب أن يقتل بعض الملوك (٥٥). وبعدة سبعة أعوام من طبع هذه الدعوة ندد روسو في "مقاله" الثاني (١٧٥٥) بالملكية الخاصة لأنها أس جميع شرور الحضارة، ولكنه حتى في صيحته أنكر أي برنامج اشتراكي. وما وافى عام ١٧٦٢ حتى كان أبطال كتبه أفراداً ينعمون بالثروة.
وفي نفس العام الذي صدر فيه كتاب روسو "مقال في أصل عدم المساواة" ظهر كتاب عنوانه "ناموس الطبيعة" لراديكالي مغمور لا نكاد نعرف عنه شيئاً غير اسمه الأخير، إذا استثنينا كتبه، وهو موريللي Morelly. ولا نخلط بينه وبين أندريه موريلليه Morellet الذي التقينا به مشاركاً في تحرير الموسوعة. وقد بدأ موريللي بإيقاظ الإفهام بكتابه "رسالة في فضائل ملك عظيم"(١٧٥١) الذي صور ملكاً شيوعياً. وفي ١٧٥٣ أضفى على حلمه الشاعرية بقصيدته "غرق الجز الطافية، أو الملحمة الملكية". وهنا نرى الملك الطيب، ربما بعد أن قرأ الكاتب مقال روسو الأول، يعود بشعبه