رجال زمانه لم يستطع أن يتطلع إلى مستقبل للعمال أفضل من أجور الكفاف. ومع ذلك أصبح هذا الرجل خادماً للشعب متفانياً في عمله. ففي أغسطس ١٧٦١ عُين ناظراً ملكياً لمديرية ليموج، وهي من أفقر أقاليم فرنسا، وقد قدر أن ٤٨% إلى ٥٠% من دخل الأرض فيها يضيع ضرائب للدولة وعشوراً للكنيسة. وكان في فلاحي الإقليم كآبة في نبلائه فظاظة. كتب إلى فولتير يقول:"من سوء حظي أن أكون ناظراً ملكياً. وأقول من سوء حظي لأن السعادة في هذا الزمان الممتلئ بالتناحر واللوم لا تتوافر إلا في حياة الفلسفة بين الكتب والأصدقاء". ورد عليه فولتير قائلاً:"ستكسب أهل ليموج وجيوبهم؛ في اعتقادي أن الناظر الملكي هو الشخص الوحيد الذي يمكنه إفادة الناس. إلا يستطيع إصلاح الطرق، وزرع الحقول، وتصريف المستنقعات، وتشجيع الصناعات؟ ".
وقد فعل طورجو هذا كله. فكافح بهمة طوال ثلاثة عشر عاماً، أكتسب فيها محبة الشعب وكراهية النبلاء. فالتمس مراراً، ودون جدوى، من مجلس الدولة أن يخفض معدل الضريبة، وحسن توزيع الضرائب، ورفع المظالم، ونظم خدمة موظفي الحكومة، وحرر تجارة الغلال، وشق ٤٥٠ ميلاً من الطرق؛ وكانت هذه الطرق جزءاً من برنامج إنشاء الطرق الذي ينظم البلاد كلها (والذي بدأته الحكومة الفرنسية في ١٧٣٢) والذي ندين له بالفضل في هذه الطرق الجميلة ذات الأشجار الوارفة الغلال التي تنتشر اليوم في ربوع فرنسا. وكانت الطرق قبل طورجو تشق بالسخرة، فألغى السخرة في ليموج، ودفع أجر العمال من ضريبة عامة على الكافة. وأقنع الفلاحين بأن يزرعوا البطاطس غذاء للإنسان لا للحيوان فقط. وقد ظفر بإعجاب الناس جميعاً لما اتخذ من تدابير فعالة لإغاثة الشعب في فترات المجاعة التي امتدت بين سنتي ١٧٦٨ و١٧٧٢.
وفي عشرين يوليو ١٧٧٤ دعاه الملك الجديد للانضمام إلى الحكومة المركزية واغتبطت فرنسا كلها وتطلعت إليه منقذاً مرجواً للدولة المتداعية.