أن يلطف من مرعباته، وكافح حيناً ليباري موريللو في عاطفته العائلية الورعة، كما نرى في لوحته «العذراء والطفل مع القديس يوحنا»(المحفوظة بسان دييجو في كاليفورنيا)، ولكن هذا الأسلوب الجديد كان غريباً على فنه ومزاجه. وعلى ذلك شد رحاله إلى مدريد عسى ان يستقيم له الأمر، ولكن فليب الرابع، المفلس، لم يجد ما يكلفه به خيراً من زخرفة كوخ صيده. وكان فيلاسكويز كريما معه، ولكنه مات فجأة. وعمر ثورباران بعد موت صديقه وزوال شهرته.
ولم يكد صيته يجاوز جبال البرانس، حتى استلطف قواد نابليون صور رهبانه الضخام وقديسيه العابثين فخطفوا بعضها وأتوا بها إلى فرنسا. ولما اتبعت الأديرة الأسبانية للدولة عام ١٦٣٥ جلب المزيد من صوره إلى باريس، وفي عام ١٨٣٨ افتتح الملك لوي فليب في متحف اللوفر قاعة أسبانية تضم أربعمائة لوحة نسبت ثمانون منها لثورباران. والذوق الفني في أيامنا هذه يجد رقعته شديدة الضيق مغرقة في الديرية، ويجد روحه مغالية في الكآبة والتفكير. ونحن نفتقد فيه صعاليك موريللو وفلاسفة فيلاسكويز وأميراته الجميلات. ومع ذلك ففي فنه إخلاص مكين، وتفان عميق، وقوة في اللون والشكل ترفعه فوق دنيا الميول العابرة وتكفل له مكانة في ذاكرة البشر.
[٤ - فيلاسكويز]
١٥٩٩ - ١٦٦٠
كان جده لأبيه نبيلاً برتغالياً رحل عن أوبورتو إلى إشبيلية بعد أن فقد كل ثروته. وولد الفنان لخوان دي سيلفا والدونا خيرونيما فيلاسكويز، في السنة التي ولد فيها فان ديك، وبعد موت ثورباران وبرنيني بعام، وقبل مولد موريللو بثمانية عشر عاماً. وسمي دييجو رودريجيز دي سيلفا أي فيلاسكويز، وقد ألف أن يسمي نفسه بأسم أمه، وهي عادة شائعة في جنوبي أسبانيا، وحظي بتعليم جيد، وتعلم شيئا من اللاتينية والفلسفة، وجرب دراسة العلوم حيناً. ثم أتجه إلى التصوير، فدرس فترة وجيزة