كذلك شددت همجية الاضطهاد الرهيبة واستغاثات المهاجرين من عزيمة أوربا البروتستنتية على الاتحاد ضد فرنسا.
على أن إلغاء المرسوم ربما كان معيناً غير مباشر للفنون والعادات ولطائف الحياة في فرنسا. ذلك أن الروح الكلفنية المتشككة في الزينة الصور المنحوتة والمرح الطائش ثبط الفن والأناقة والظرف. ولو أن فرنسا أصبحت بيوريتانية لكانت شذوذاً وخطأ. ولكن إلغاء المرسوم كان كارثة على الدين الفرنسي. لقد لاحظ بيكون من قبل أن مشهد الحروب الدينية كان خليقاً بأن يجعل لوكرتيوس-لو رآه-"سبعة أضعاف ما كان أبيقورية" وإلحاداً (١٠٥). "فماذا تراه كان قائلاً الآن؟ لم تبق نقطة توقف للعقل الغالي بين الكاثوليكية والإلحاد. وبينما أفادت البروتستنتية في سويسرا وألمانيا وهولندا وإنجلترا في الإعراب عن التمرد على الكنيسة، لم يبق في فرنسا أداة استنكار كهذه. فوجدت حركة الانتقاض على الرومانية أنه أيسر لها أن تكون شكاكة خالصة من أن تكون بروتستانتية سافرة. وانتقلت النهضة الفرنسية، غير المعوقة من البروتستنتية، رأساً إلى حركة التنوير بعد موت الملك.
[٧ - بوسويه]
١٦٢٧ - ١٦٨٨
بيد أن الكنيسة الفرنسية كانت ظافرة ولو مؤقتاً، وتربعت على عرش بهائها وسلطانها. وكانت رغم ما شاب روحها الجماعية من تعصب، وما عاب سلطتها من قسوة، تضم أرقى نخبة من الرجال في أوربا تعليماً، وكان قديسوها ينافسون طغاتها. وكان من أساقفتها نفر ذوو نزعة إنسانية، عاكفون في إخلاص على الخير العام كما رأوه. ودخل اثنان منهم الأدب الفرنسي دخولاً شارف في سنائه دخول يسكال، وكان في زمانهما أكثر بروزاً. وقلما تجد بين رجال الكنيسة الفرنسيين من ضارع في سمعته بوسيويه، أو فنيلون في شعبيته.