كانت روما آخر المدن التي وصل إليها الإصلاح. ذلك أن أهل هذه المدينة كانوا على الدوام مشاكسين صعاب المراس حتى في الوقت الذي كان فيه النسر الإمبراطوري يفيض بمخلبيه على الفيالق الضخمة يسيرها أينما شاء. أما في الوقت الذي نتحدث عنه فكل ما كان يعتمد عليه البابوات هو جيش مرابط ضعيف، ومكانة منصبه السامية، ورهبة دينهم، ولهذا وجدوا أنفسهم سجناء في أيدي أرستقراطية تحسدهم على منزلتهم وأهلين يضعف من تقواهم قربهم من عرش بطرس. وكان الرومان أعز نفساً من أن يثأروا بالملوك كما كانوا أكبر من أن يرهبهم البابوات لطول ما ألفوا صحبتهم والاختلاط بهم، فقد كانوا يرون في خلفاء المسيح في الأرض رجالاً مثلهم يمرضون، ويخطئون، ويأثمون، ويغلبون، فلم تعد البابوية في اعتقادهم حصناً حصيناً للنظام وملجأً عاصماً للنجاة، بل أضحت طائفة من العمال يجمعون الصدقات من أوربا لمساكين روما. وكانت تقاليد الكنيسة تقضي بألا يختار البابا بغير رضاء رجال الدين في روما وأشرافها وجمهرة سكانها، وتفرق حكام أسبوليتو، وبنفنتوا، ونابلي، وتسكانيا، وأشراف روما شيعاً وأحزاباً كما كانوا في عهدهم القديم، وكان الحزب صاحب اليد العليا في المدينة يحيك الدسائس لاختيار البابا والسيطرة عليه. وقد عملوا جميعاً على تدهور البابوية في القرن العاشر إلى أحط مستوى وصلت إليه في تاريخها كلها.
من ذلك أنه في عام ٨٧٨ دخل لامبير Lambert دوق اسبوليتو مدينة روما على رأس جيشه، وقبض على البابا يوحنا السابع، وحاول أن يرغمه بتجويعه على تأييد ترشيح كارلومان لعرش الإمبراطورية. وفي عام ٨٩٧ أمر البابا استيفن