لم يخفف موت سفنرولا من الفوضى التي كادت تجعل البلاد بلا حكومة أيام سلطانه. ذلك أن الفترة القصيرة التي لم تكن تدوم إلا ثلاثة شهور، وهي التي كان يقضيها أعضاء مجلس السيادة وحامل الأختام في مناصبهم، كانت تقضي على الاستمرار الواجب في الهيئة التنفيذية، وتبعث فيها قلقاً أشبه بقلق المحموم، وتؤدي إلى الفساد وعدم الإحساس بالتبعة. وحاول المجلس في عام ١٥٠٢، وكانت تسيطر عليه وقتئذ أقلية ظافرة من أصحاب المال، أن يتغلب على بعض هذه الصعوبة بأن يختار حامل الشعار على أن يبقى في منصبه طول حياته حتى يستطيع مواجهة البابوات الحكام الزمنيين على قدم المساواة، وإن ظل مع ذلك خاضعاً لمجلس السيادة ومجلس الحكام. وكان اول من حظي بهذا الشرف بيتروسدريني، وهو من أصدقاء الشعب الأثرياء، وكان وطنياً أميناً، لم يؤت من العقل والإرادة درجة كبرى تهدد فلورنس بالدكتاتورية. واستخدم مكيفلي فيمن استخدمهم من المستشارين، وساس البلاد بحكمة وراعى جانب الاقتصاد، واستعان بأمواله الخاصة على العودة إلى مناصرة الفنون التي انقطع حبلها في عهد سفنرولا. واستبدل مكيفلي بتأييد منه بجنود فلورنس المرتزقة مجندين من أهلها، اضطروا بيزا آخر الأمر (١٥٠٨) إلى قبول «الحماية» مرة أخرى.
ولكن السياسة الخارجية التي إتبعهتا الجمهورية أوقعت البلدة في عام ١٥١٢ في الكارثة التي تنبأ بها الإسكندر السادس. ذلك بأن فلورنس