لقد كادت الرومانسية الألمانية تؤثر في كل مناحي حياة الأمة: لقد أثرت في موسيقي بيتهوفن وفيبر Weber وفيلكس مندلسون Felix Mendelssohn، وفي روايات هوفمان وتيك Tieck وفي فلسفة فيشته وشيلنج Schelling، كما كان لها تأثيرها في الدين كما وجدنا عند شلايرماخر Schleiermacher ومئات من المتحولين للمسيحية مثل فريدريش شليجل، ودوروثيا مندلسون Dorothea Mendelssohn. لقد قاد خمسة رجال - على نحو خاص - هذه الحركة في الأدب الألماني، ولا بد أن نذكر من بينهم امرأة رومانسية شاركتهم الحب المنطلق أو المقيد كما شاركتهم الاهتمامات الفكرية مما صدم العقيلات المحتشمات من فرانكفورت إلى الأودر Oder .
وكان بالقرب من منابع الحركة طائر يحرك جناحيه ونعني به فيلهلم هينريش فاكنرودر Wackenroder (١٧٧٣ - ١٧٩٨) وهو كاتب خجول سهل الانقياد غير مرتاح للحقيقة (الواقع) والعقل، إنما كان يجد راحته في الدين، وكان يجد سعادته في الفن. لقد رأى في قدرة الفنان على التصور والتنفيذ شبها قريبا بعملية الخلق. وقد صاغ دينه الجديد هذا في مقالات ذات طابع ديني تعبدي تناول فيها ليوناردو، ورافاييل، ومايكل أنجلو، ودورير Durer … ووجد دعما لاتجاهه هذا في جامعتي جوتنجن وإرلانجن Erlangen، إذ أيده لودفيج تيك Tieck وتحمس له واقترح لكتابات صديقه عنواناً طريفاً هو: (فيوضات قلبية لأخ مسيحي عاشق للفن Herzensergiessungen eines kunstliebenden Klosterbruders) ولأن هذه المقالات أخذت طابعا مسيحيا فقد وجدت لها ناشرا في سنة ١٧٩٧.
لقد سخر فاكنرودر من المذهب العقلي الذي أخذ به ليسنج ومن المذهب الكلاسيكي الذي أخذ به فنكلمان، وكانت سخريته هذه تكاد تكون بالحدة نفسها التي تجنح إليها البورجوازية الألمانية لإعلاء الفن والسموّ به، وراح فاكنردور يعمل في عصره على إعادة أخويات الفنانين والعمال التي كانت سائدة في العصور الوسطى. وأصيب فاكنردور بالتيفود فمات وهو في الرابعة والعشرين من عمره.