أية حال، ولا بد أن الإمبراطور ليوبولد سيعارض معاهدة التقسيم والوصية كلتيهما. هذا فضلاً عن أنه رفض الملك لويس العرض الأسباني، فإنه من المؤكد أن يرحب به الإمبراطور، وتطوق فرنسا من جديد بنفس النطاق الذي كان مضروباً حولها-أسبانيا، شمال إيطاليا، النمسا، الأراضي الوطيئة الإسبانية والذي كلف فرنسا طيلة المائتي عام الأخيرة كثيراً من الدماء لتحطيمه. خير لنا أن ندخل في حرب بسبب عادل-الوصية-من أن نحاول فرض تقسيم أسبانيا بالقوة ضد رغبة حكومتها وشعبها (٤٣).
وبعد ثلاثة أيام قضوها في مزيد من المشاورات والمداولات، أعلن لويس إلى المبعوثين قبوله الوصية. وفي ١٦ نوفمبر ١٧٠٠ قدم دوق أنجو إلى الحاشية المجتمعة في فرساي قائلاً:"أيها السادة، إنكم ترون هنا ملك أسبانيا. أن النسب الذي تحدر منه دعاه إلى حمل ذاك التاج، بهذا أمر الملك الراحل في وصيته، وهذا ما رغبت فيه الأمة الأسبانية بأسرها، وتوسلت إليّ توسلاً جدياً أن أقبله. وتلك إرادة الله، حققها في غبطة وسرور، ثم أضاف موجهاً الحديث إلى الملك الشاب "كن أسبانياً" صالحاً-فهذا هو الآن واجبك الأول، ولكن تذكر أنك ولدت فرنسياً، وحافظ على الوحدة بين الأمتين، فهذا هو الطريق لإسعادهما، وللمحافظة على السلام في أوربا (٤٤) " ونادى مجلس الوصاية الأسباني بفيليب ملكاً في مدريد، وأسرعت كل قطاعات أسبانيا وممتلكاتها بإعلان موافقتها، واعترفت الحكومات، الواحدة تلو الأخرى، بالملك الجديد: سافوي، الدنمرك، البرتغال، المقاطعات المتحدة، إنجلترا، وعدة ولايات إيطالية وألمانية، بل أن ناخب بافاريا الذي ظن أن الإمبراطور دس السم لابنه-كان من أول الأمراء الذين قدموا اعترافهم. وبدا أن الأزمة قد تم التغلب عليها، وأن العداوة التي استعر أوارها طيلة قرن من الزمان بين فرنسا وأسبانيا قد خمدت بطريقة سلمية، وجثا السفير الأسباني في فرساي بين يدي مليكه الجديد إجلالاً وولاء، ونطق بعبارته المشهورة "لا برانس بعد اليوم (٤٥) ".
[٤ - الحلف الأعظم]
١٧٠١ - ١٧٠٢
وكتب لورد تشستر فيلد "أن أسبانيا استقبلت في هدوء وابتهاج فيليب الخامس الذي استهل عهد البوربون الأسبان، واعترفت به ملكاً