وكان قد قضى حتى ذلك الوقت تسع سنين في آسية، أحدث فيها من التأثير بانتصاره أقل مما أحدثته هي بأساليبها الشرقية. ذلك أن أرسطو قد علمه أن يعامل اليونان معاملة الأحرار وأن يعامل "البرابرة" معاملة العبيد. ولكنه دهش إذ وجد بين أشراف الفرس مستوى من الرقة وحسن الخلق لم يره كثيراً في الديمقراطيات اليونانية المضطربة؛ وأعجب بالطريقة التي نظم بها الملوك العظام إمبراطوريتهم، وارتاب في مقدرة المقدونيين الغلاظ على أن يحلوا محل حكام هذه الإمبراطورية، وأدرك أن السبيل الوحيدة إلى تثبيت فتوحه واستقرارها بعض الاستقرار هي أن يسترضي أشراف الفرس حتى يقبلوا زعامته، فإذا فعلوا استخدمهم في المناصب الإدارية. وزاد سروره برعاياه الجدد يوماً بعد يوم، فتخلى عن فكرته القديمة وهي أن يحكمهم بوصفه ملكاً مقدونياً، وخال نفسه إمبراطوراً يونانياً - فارسياً يحكم دولة يكون فيها الفرس واليونان أكفاء، وتمتزج ثقافتهم ودماؤهم امتزاجاً سلمياً، فينتهي النزاع الطويل بين أوربا وآسية بذلك الاقتران السعيد بين حضارتيهما.
وكان آلاف من جنوده قد تزوجوا من نساء البلاد المفتوحة، وأخذوا يعاشرونهن؛ فلم لا يفعل هو أيضاً فعلهم؟ فيتزوج بابنة دارا ويسوي النزاع بين الأمتين بأن يلد لهما ملكاً يجري في عروقه دم الأسرتين. لقد تزوج قبل ذلك الوقت ركسانا الأميرة البكترية، ولكنه لم يكن يرى أن هذه عقبة تقف في طريقه، وعرض الفكرة على ضباطه وأشار عليهم أن يتخذوا لهم